قال حسين بن عثمان الفارقي: كنت بالرملة، وقد قدمها أبو عليّ القرمطي القصير الثياب، فقربني إلى خدمته، فكنت ليلة عنده، وأحضرت الشموع، فقال لكاتبه أبي نصر كشاجم: ما يحضرك في صفة هذا الشمع؟ فقال: إنما نحضر مجلس سيدنا، نسمع من كلامه، فقال أبو علي بديهًا:
ومجدولة مثل صدر القناة … تعرَّت وباطنها مكتسي
لها مقلة هي روح لها … وتاج على هيئة البرنس
إذا غازلتها الصبا حركت … لسانًا من الذهب الأملس
فنحن من النور في أسعد … وتلك من النار في أنحس
فأجاز أبو نصر، فقال بعد أن قَبَّل الأرض:
وليلتنا هذه ليلة … تشاكل أوضاع إقليدس
فيارَبَّة العود حُثِّي الغنا … ويا حامل الكاس لا تنعس
ومما كتب الأعصم إلى جعفر بن فلاح يتهدده:
الكتب معذرة والرسل مخبرة … والجود متَّبَع والخير موجود
والحرب ساكنة والخيل صافنة … والسلم مبتذل والظل ممدود
فإن أنبتم فمقبول إنابتكم … وإن أبيتم فهذا الكور مشدود
على ظهور المطايا أو تردن بنا … دمشق والباب مهدوم ومردود
إني امرؤ ليس من شأني ولا أرَبَى … طبل يرن ولا ناي ولا عود
ولا أبيت بطين البطن من شبع … ولي رفيق خميص البطن مجهود
ولا تسامت بي الدنيا إلى طمع … يومًا ولا غرَّني فيها المواعيد
وهو القائل:
لها مقلة صحَّت ولكن جفونها … بها مرض يسبي القلوب ويتلف
وخد كورد الروض يجنى بأعين … وقد عزَّ حتى إنه ليس يقطف
وعطفة صدغ لو تعلم عطفها … لكانت على عشاقها تتعطف