للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد طوَّل ابن النجار ترجمته.

وكان فصيحًا متقعِّرًا، يتعانى وحشي الألفاظ في خطابه، ويمقت التيه، ويتيه ويغضب إذا ناظر، قال مرة لفقيه: أنت جاهل بالعلم، ولذلك سوَّد الله وجهك.

وله كتاب "الوزراء"، وكتاب "الكشف عن مساوئ شعر المتنبي"، وكتاب "الأسماء الحسنى".

وهو القائل:

رقَّ الزجاج ورقت الخمر … وتشابها فتشاكل الأمر

فكإنما خمر ولا قدح … وكإنما قدح ولا خمر

قيل: جمع الصاحب من الكتب ما يحتاج في نقلها إلى أربع مائة جمل، ولما عزم على التحديث تاب، واتَّخذ لنفسه بيتًا سمَّاه بيت التوبة، واعتكف على الخير أسبوعًا، وأخذ خطوط جماعة بصحة توبته، ثم جلس للإملاء، وحضره الخلق، وكان يتفقَّد علماء بغداد في السنة بخمسة آلاف دينار، وأدباءها، وكان يبغض من يدخل في الفلسفة.

ومرض بالإسهال، فكان إذا قام عن الطست ترك إلى جنبه عشرة دنانير للغلام، ولما عُوِفَي تصدَّق بخمسين ألف دينار.

وقيل: إن صاحب ما وراء النهر نوح بن منصور كتب إليه يستدعيه ليوليه وزارته، فاعتلَّ بأنه يحتاج لنقل كتبه خاصّة أربع مائة جمل، فما الظن بما يليق به من التجمل.

وكان قد لُقِّبَ كافي الكُفَاة.

مات بالري، ونقل إلى أصبهان، ولما أبرز تابوته ضجَّ الخلق بالبكاء.

يقال: إنه قال: ثلاثة خجلوني: البندهي حضر المجلس، فقدمت فواكه منها مشمش فائق، فأكل وأمعن، فقلت: إنه ملطخ المعدة، فقال: لا يعجبني الرئيس إذا تطبّب، والفرندي قال: قد جئت من دار السلطنة وأنا ضجر من أين أقبل مولانا? قلت: من لعنة الله، قال: رد الله غربة مولانا. والثالث: المافروخي أيام حسنه داعبته، فقلت: رأيتك تحتي، قال: مع ثلاثة مثلي.

وللبستي في الصاحب:

يا من أعاد رميم الملك منشورًا … وضمَّ بالرأي أمرًا كان منشورًا

أنت الوزير وإن لم تؤت منشورًا … والملك بعدك إن لم يؤتمن شورى

مات الصاحب في صفر سنة خمس وثمانين وثلاث مائة، عن تسع وخمسين سنة.

ووزر أبوه لركن الدولة.

<<  <  ج: ص:  >  >>