قال الخطيب: حدثونا عن أبي حامد، وكان ثقةً، حضرت تدريسه في مسجد ابن المبارك، وسمعت من يذكر أنه كان يحضر درسه سبع مائة فقيه، وكان الناس يقولون: لو رآه الشافعي، لفرح به.
قال الخطيب: وحدثني أبو إسحاق الشيرازي قال: سألت القاضي أبا عبد الله الصيمري: من أنظر من رأيت من الفقهاء؟ فقال: أبو حامد الإسفراييني.
قال أبو حيان التوحيدي في رسالة له: سمعت الشيخ أبا حامد يقول لطاهر العباداني: لا تعلق كثيرًا مما تسمع منا في مجالس الجدل، فإن الكلام يجري فيها على ختل الخصم ومغالطته ودفعه ومغالبته، فلسنا نتكلم لوجه الله خالصًا، ولو أردنا، لكان خطونا إلى الصمت أسرع من تطاولنا في الكلام، وإن كنا في كثير من هذا نبوء بغضب الله، فإنا نطمع في سعة رحمة الله.
قلت: أبو حيان غير معتمد.
قال ابن الصلاح: وعلى الشيخ أبي حامد تأول بعض العلماء حديث: إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها، فكان الشافعي على رأس المائةين، وابن سريج على رأس الثلاث مائة، وأبو حامد على رأس الأربع مائة.
وروي عن سليم الرازي قال: كان أبو حامد في أول أمره يحرس في درب، وكان يطالع على زيت الحرس، وإنه أفتى وهو ابن سبع عشرة سنة.
قال الخطيب: مات أبو حامد في شوال، سنة ست وأربع مائة، وكان يومًا مشهودًا، ودفن في داره، ثم نقل بعد أربع سنين، ودفن بباب حرب، ﵀.
ومات معه باديس بن منصور الحميري، صاحب المغرب، وشيخ الصوفية أبو علي الدقاق، وأبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المفسر، وحمزة بن عبد العزيز المهلبي، وشيخ مكة عبيد الله بن محمد السقطي، وشيخ بغداد أبو أحمد بن أبي مسلم الفرضي، وأبو الفرج عثمان بن أحمد البرجي بأصبهان، وشيخ المتكلمين أبو بكر بن فورك.
أخبرنا عبد الحافظ بن بدران، أخبرنا عبد الله بن أحمد الفقيه، أخبرنا إلياس بن أحمد، أخبرنا حمزة بن كروس، أخبرنا الفقيه نصر بن إبراهيم، حدثنا سليم بن أيوب، حدثنا أبو حامد أحمد بن أبي طاهر، حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الشعراني، حدثنا الحسن بن سفيان، حدثنا حبان بن موسى، حدثنا ابن المبارك، عن كهمس، عن ابن بريدة، عن يحيى بن يعمر قال: ظهر ها هنا معبد الجهني، وهو أول من قال في القدر ها هنا. وذكر الحديث (١).
(١) صحيح: وهو حديث طويل أخرجه مسلم "٨"، وأبو داود "٤٦٩٥"، والترمذي "٢٦١٠"، والنسائي "٨/ ٩٧".