للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فعقب الذهبي بقوله: قلت: الأمانة جزء من الدين، والضبط داخل في الحذق، فالذي يحتاج إليه الحافظ أن يكون تقيا ذكيا، نحويا لغويا زكيا حييا، سلفيا، يكفيه أن يكتب بيده مائتي مجلد، ويحصل من الدواوين المعتبرة خمسمائة مجلد، وأن لا يفتر من طلب العلم إلى الممات، بنية خالصة وتواضع، وإلا فلا يتعن.

وقال في "السير" "٩/ ١٢٩ - (١٣٠) ":

نحن لا ندعي العصمة في أئمة الجرح والتعديل، لكن هم أكثر الناس صوابا، وأندرهم خطأ، وأشدهم إنصافا، وأبعدهم عن التحامل، وإذا اتفقوا على تعديل أو جرح، فتمسك به، واعضض عليه بناجذيك، ولا تتجاوزه، فتندم، ومن شذ منهم، فلا عبرة به، فخل عنك العناء، وأعط القوس باريها، فوالله لولا الحفاظ الأكابر، لخطبت الزنادقة على المنابر، ولئن خطب خاطب من أهل البدع، فإنما هو بسيف الإسلام، وبلسان الشريعة، وبجاه السنة، وبإظهار متابعة ما جاء به الرسول فنعوذ بالله من الخذلان.

وقال في "السير" "١٠/ (١٠٤) ":

من نظر في كلام البخاري في الجرح والتعديل علم ورعه في الكلام في الناس، وإنصافه فيمن يضعفه، فإنه أكثر ما يقول: منكر الحديث، سكتوا عنه، فيه نظر، ونحو هذا. وقل أن يقول: فلان كذاب، أو كان يضع الحديث حتى إنه قال: إذا قلت: فلان في حديثه نظر، فهو منهم واه. وهذا معنى قوله: لا يحاسبني الله أني اغتبت أحدا، وهذا هو والله غاية الورع.

قال محمد بن أبي حاتم الوراق: سمعته -يعني: البخاري- يقول: لا يكون لي خصم في الآخرة، فقلت: إن بعض الناس ينقمون عليك في كتاب "التاريخ" ويقولون: فيه اغتياب الناس، فقال: إنما روينا ذلك رواية لم نقله من عند أنفسنا، قال النبي : "بئس مولى العشيرة" يعني حديث عائشة (١). وسمعته يقول: ما اغتبت أحدا قط منذ علمت أن الغيبة تضر أهلها. وقال الحافظ في "الميزان" "١/ (٦) ": نقل ابن القطان أن البخاري قال: كل من قلت فيه: منكر الحديث فلا تحل الرواية عنه.


(١) صحيح: أخرجه أحمد "٦/ ٣٨"، والحميدي "٢٤٩"، والبخاري "٦٠٥٤"، "٦١٣١"، ومسلم "٢٥٩١" "٧٣" وغيرهم وقد خرجته في الموضع المشار إليه، فراجعه ثمت.

<<  <  ج: ص:  >  >>