تفقه بأبي زيد الفاشاني، وسمع: منه، ومن الخليل بن أحمد السجزي، وسمع: ببخارى وهراة. تفقه عليه أبو عبد الله محمد بن عبد الملك المسعودي، وأبو علي الحسين بن شعيب السنجي، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن فوران المراوزة.
قال الفقيه ناصر العمري: لم يكن في زمان أبي بكر القفال أفقه منه، ولا يكون بعده مثله، وكنا نقول: إنه ملك في صورة الإنسان. حدث، وأملى، وكان رأسًا في الفقه، قدوةً في الزهد.
وقال أبو بكر السمعاني في "أماليه": كان وحيد زمانه فقهًا وحفظًا وورعًا وزهدًا، وله في المذهب من الآثار ما ليس لغيره من أهل عصره، وطريقته المهذبة في مذهب الشافعي التي حملها عنه أصحابه أمتن طريقة، وأكثرها تحقيقًا، رحل إليه الفقهاء من البلاد، وتخرج به أئمة. ابتدأ بطلب العلم وقد صار ابن ثلاثين سنة، فترك صنعته، وأقبل على العلم.
وذكر ناصر المروزي أن بعض الفقهاء المختلفين إلى القفال احتسب على بعض أتباع متولي مرو، فرفع ذلك إلى السلطان محمود، فقال: أيأخذ القفال شيئًا من ديواننا؟ قال: لا. قال: فهل يتلبس بشيء من الأوقاف؟ قال: لا. قال: فإن الاحتساب لهم سائغ، دعهم.
حكى القاضي حسين عن القفال أستاذه أنه كان في كثير من الأوقات يقع عليه البكاء حالة الدرس، ثم يرفع رأسه ويقول: ما أغفلنا عما يراد بنا.
تخرج القفال كما قدمنا على أبي زيد، وقبره بمرو يزار.
مات في سنة سبع عشرة وأربع مائة في جمادى الآخرة وله من العمر تسعون سنة، وسماعاته نازلة، لأنه سمع: في الكهولة وقبلها.
ومات فيها أحمد بن محمد بن سلامة الستيتي الأديب الراوي عن خيثمة بدمشق، وأبو الحسن بن أبي الشوارب الأموي قاضي القضاة ببغداد، وعبد الله بن يحيى السكري الراوي عن الصفار، ومقرئ العصر أبو الحسن بن الحمامي، وحافظ نيسابور أبو حازم العبدويي، والمسند أبو حفص عمر بن أحمد بن عثمان العكبري شيخ ابن البطر، وأبو نصر بن هارون الجندي بدمشق. ولأكثرهم هنا تراجم، وإنما أحببت الجمع لينضبط موتهم.