وأبو طاهر أحمد بن الحسن الكرجي، وأبو الفضل بن خيرون، ويحيى بن بندار البقال، ومحمد بن عبد السلام الأنصاري، وعبد العزيز بن أحمد الكتاني، وعدد كثير. واستوطن بغداد دهرًا.
قال الخطيب: كان البرقاني ثقةً ورعًا ثبتًا فهمًا، لم نر في شيوخنا أثبت منه، عارفًا بالفقه، له حظ من علم العربية، كثير الحديث، صنف مسندًا ضمنه ما اشتمل عليه صحيح البخاري ومسلم، وجمع حديث سفيان الثوري، وأيوب، وشعبة، وعبيد الله بن عمر، وعبد الملك بن عمير، وبيان بن بشر، ومطر الوراق، وغيرهم، ولم يقطع التصنيف إلى حين وفاته، ومات وهو يجمع حديث مسعر، وكان حريصًا على العلم، منصرف الهمة إليه، سمعته يقول يومًا لرجل من الفقهاء معروف بالصلاح: ادع الله تعالى أن ينزع شهوة الحديث من قلبي، فإن حبه قد غلب علي، فليس لي اهتمام إلَّا به.
قال أبو القاسم الأزهري: البرقاني إمام، إذا مات ذهب هذا الشأن.
قال الخطيب: سمعت محمد بن يحيى الكرماني الفقيه يقول: ما رأيت في أصحاب الحديث أكثر عبادة من البرقاني. وسألت الأزهري: هل رأيت شيخًا أتقن من البرقاني؟ قال: لا. وذكره أبو محمد الحسن بن محمد الخلال، فقال: هو نسيج وحده.
قال الخطيب: أنا ما رأيت شيخًا أثبت منه.
وقال أبو الوليد الباجي: البرقاني ثقة حافظ.
وذكره الشيخ أبو إسحاق في طبقات الشافعية، فقال: ولد سنة ست وثلاثين وثلاث مائة، وسكن بغداد، وبها مات في أول رجب سنة خمس وعشرين وأربع مائة.
ثم قال: تفقه في حداثته، وصنف في الفقه، وثم اشتغل بعلم الحديث، فصار فيه إمامًا.
قال البرقاني: دخلت إسفرايين ومعي ثلاثة دنانير ودرهم، فضاعت الدنانير، وبقي الدرهم، فدفعته إلى خباز، فكنت آخذ منه كل يوم رغيفين، وآخذ من بشر بن أحمد الإسفراييني جزءًا فأكتبه، وأفرغه بالعشي، فكتبت ثلاثين جزءًا، ونفد ما عند الخباز، فسافرت.
قلت: كان الخبز رخيصًا إلى الغاية.
قال أبو بكر الخطيب: حدثني أحمد بن غانم -وكان صالحًا- قال: نقلت البرقاني من بيته، فكان معه ثلاثة وستون سفطًا وصندوقان، كل ذلك مملوء كتبًا.