قال ابن خلكان: ثم اغتسل وتاب، وتصدق بما معه على الفقراء، ورد المظالم، وأعتق مماليكه، وجل يختم القرآن في كل ثلاث، ثم مات يوم الجمعة في رمضان سنة ثمان وعشرين وأربع مائة.
قال: ومولده في صفر سنة سبعين وثلاث مائة.
قلت: إن صح مولده، فما عاش إلَّا ثمانيًا وأربعين سنة وأشهرًا، ودفن عند سور همذان، وقيل: نقل تابوته إلى أصبهان.
ومن وصية ابن سينا لأبي سعيد، فضل الله الميهني: ليكن الله تعالى أول فكر له وآخره، وباطن كل اعتبار وظاهره، ولتكن عينه مكحولةً بالنظر إليهن وقدمه موقوفةً على المثول بين يديه، مسافرًا بعقله في الملكوت الأعلى وما فيه من آيات ربه الكبرى، وإذا انحط إلى قرارهن فلينزه الله في آثاره، فإنه باطن ظاهر تجلى لكل شيء بكل شيء، وتذكر نفسه، وودعها، وكان معها كأن ليس معها، فأفضل الحركات الصلاة، وأمثل السكنات الصيام، وأنفع البر والصدقة، وأزكى السر الاحتمال، وأبطل السعي الرياء، ولن تخلص النفس عن الدون ما التفتت إلى قيل وقال وجدال، وخير العمل ما صدر عن خالص نية، وخير النية ما انفرج عن علم، ومعرفة الله أول الأوائل، إليه يصعد الكلم الطيب. إلى أن قال: والمشروب فيهجر تلهيًا لا تشفيًا، ولا يقصر في الأوضاع الشرعية، ويعظم السنن الإلهية.
قد سقت في تاريخ الإسلام أشياء اختصرتها، وهو رأس الفلاسفة الإسلامية، لم يأت بعد الفارابي مثله، فالحمد لله على الإسلام والسنة.
وله كتاب "الشفاء"، وغيره، وأشياء لا تحتمل، وقد كفره الغزالي في كتاب "المنقذ من الضلال"، وكفر الفارابي.
وقال الرئيس: قد صح عندي بالتواتر ما كان بجوزجان في زماننا من أمر حديد لعله زنة مائة وخمسين منًا نزل من الهواء، فنشب في الأرض، ثم نبا نبوة الكرة، ثم عاد، فنشب في الأرض، وسمع: له صوت عظيم هائل، فلما تفقدوا أمرهن ظفرا به، وحمل إلى والي جوزجان، فحاولوا كسر قطعة منه، فما عملت فيه الآلات إلَّا بجهد، فراموا عمل سيف منه، فتعذر. نقله في "الشفاء".