وقال سهل بن بشر: حدثنا سليم أنه كان في صغره بالري، وله نحو من عشر سنين، فحضر بعض الشيوخ وهو يلقن قال: فقال لي: تقدم فاقرأ. فجهدت أن أقرأ الفاتحة، فلم أقدر على ذلك لانغلاق لساني، فقال: لك والدة؟ قلت: نعم: قال: قل لها تدعو لك أن يرزقك الله قراءة القرآن والعلم. قلت: نعم. فرجعت، فسألتها الدعاء، فدعت لي، ثم إني كبرت، ودخلت بغداد، قرأت بها العربية والفقه، ثم عدت إلى الري، فبينا أنا في الجامع أقابل "مختصر المزني"، وإذا الشيخ قد حضر وسلم علينا وهو لا يعرفني، فسمع: مقابلتنا، وهو لا يعلم ماذا نقول، ثم قال: متى يتعلم مثل هذا؟. فأردت أن أقول: إن كانت لك والدة، فقل لها تدعو لك. فاستحييت.
وقال أبو نصر الطريثيثي: سمعت سليمًا يقول: علقت عن شيخنا أبي حامد جميع التعليقة، وسمعت يقول: وضعت مني صور، ورفعت بغداد من أبي الحسن ابن المحاملي. قال أبو القاسم ابن عساكر: بلغني أن سليمًا تفقه بعد أن جاز الأربعين. قال: وقرأت بخط غيث الأرمنازي: غرق سليم الفقيه في بحر القلزم، عند ساحل جدة، بعد أن حج في صفر سنة سبع وأربعين وأربع مائة، وقد نيف على الثمانين. قال: وكان فقيهًا مشارًا إليه، صنف الكثير في الفقه وغيره، ودرس، وهو أول من نشر هذا العلم بصور، وانتفع به جماعة، منهم الفقيه نصر، وحدثت عنه أنه كان يحاسب نفسه في الأنفاس، لا يدع وقتًا يمضي بغير فائدة، إما ينسخ، أو يدرس، أو يقرأ.
وحدثت عنه: أنه كان يحرك شفتيه إلى أن يقط القلم.
قلت: وله كتاب "البسملة "سمعناه، وكتاب غسل الرجلين، وله تفسير كبير شهير، وغير ذلك، رحمه الله تعالى.