وأطنب عبد الغافر في وصفه وأسهب إلى أن قال: وقرأت في كتاب كتبه زين الإسلام من طوس في التعزية لشيخ الإسلام: أليس لم يجسر مفتر أن يكذب على رسول الله في وقته؟ أليست السنة كانت بمكانه منصورةً والبدعة لفرط حشمته مقهورة؟ أليس كان داعيًا إلى الله هاديًا عباد الله شابًا لا صبوة له كهلًا لا كبوة له شيخًا لا هفوة له؟ يا أصحاب المحابر وطؤوا رحالكم قد غيب من كان عليه إلمامكم ويا أرباب المنابر أعظم الله أجوركم فقد مضى سيدكم وإمامكم.
قال الكتاني: ما رأيت شيخًا في معنى أبي عثمان زهدًا وعلمًا كان يحفظ من كل فن لا يقعد به شيء وكان يحفظ التفسير من كتب كثيرة وكان من حفاظ الحديث.
قلت: ولقد كان من أئمة الأثر له مصنف في السنة واعتقاد السلف ما رآه منصف إلَّا واعترف له.
قال معمر بن الفاخر: سمعت عبد الرشيد بن ناصر الواعظ بمكة، سمعت إسماعيل بن عبد الغافر، سمعت الإمام أبا المعالي الجويني يقول: كنت بمكة أتردد في المذاهب فرأيت النبي ﷺ فقال لي: عليك باعتقاد ابن الصابوني.
قال عبد الغافر: ومما قيل في أبي عثمان قول الإمام أبي الحسن؛ عبد الرحمن بن محمد الداوودي:
أودى الإمام الحبر إسماعيل … لهفي عليه ليس منه بديل
بكت السّما والأرض يوم وفاته … وبكى عليه الوحي والتّنزيل
والشمس والقمر المنير تناوحا … حزنًا عليه وللنّجوم عويل
والأرض خاشعةٌ تبكّي شجوها … ويلي تولول أين إسماعيل؟
أين الإمام الفرد في آدابه … ما إن له في العالمين عديل
لا تخدعنك منى الحياة فإنّها … تلهي وتنسي والمنى تضليل
وتأهّبن للموت قبل نزوله … فالموت حتمٌ والبقاء قليل