فرغب في استخدامهم فكتب إليه السلطان محمود يأمره بحربهم فوقع بينهم مصاف ثم ترحلوا إلى أذربيجان وانحاز إخوانهم الذين بخراسان إلى خوارزم وجبالها فجهز السلطان جيشًا ضايقوهم نحو سنتين ثم قصدهم محمود بنفسه ومزقهم وشتتهم فمات وتسلطن ابنه مسعود فتألف الذين نزلوا بأذربيجان فأتاه ألف فارس فاستخدمهم ثم لاطف الآخرين فأجابوا إلى طاعته ثم اشتغل بحرب الهند فإنهم خرجوا عليه فخلت البلاد للسلجوقية فهاجوا وأفسدوا.
هذا كله والأخوان طغرلبك وجغريبك في أرضهم بأطراف بخارى ثم جرت ملحمة بين السلجوقية وبين متولي بخارى؛ قتل فيها خلق من الفئتين ثم نفذوا رسولًا إلى السلطان فحبسه وجهز جيشه لحربهم فاتلقوا فانكسر آل سلجوق وذلوا وبذلوا الطاعة لمسعود وضمنوا له أخذ خوارزم فطيب قلوبهم وانخدع لهم ثم حشد الأخوان وعبروا إلى خراسان وانضم الآخرون إليهم وكثروا وجرت لهم أمور يطول شرحها إلى أن استولوا على الممالك فأخذوا الري في سنة تسع وعشرين وأربع مائة وأخذوا نيسابور في سنة ثلاثين وأخذوا بلخ وغير ذلك وضعف عنهم مسعود وتحيز إلى غزنة وبقوا في أوائل الأمر يخطبون له حتى تمكنوا فراسلهم القائم بأمر الله بقاضي القضاة أبي الحسن الماوردي ثم إن طغرلبك المذكور عظم سلطانه وطوى الممالك واستولى على العراق في سنة سبع وأربعين وتحبب إلى الرعية بعدل مشوب بجور وكان في نفسه ينطوي على حلم وكرم وقيل: كان يحافظ على الجماعة ويصوم الخميس والاثنين ويبني المساجد ويتصدق وقد جهز رسوله ناصر بن إسماعيل العلوي إلى ملكة النصارى فاستأذنها ناصر في الصلاة بجامع قسطنطينية جماعةً يوم جمعة فأذنت له فخطب للخليفة القائم وكان هناك رسول خليفة مصر المستنصر فأنكر ذلك.
وذكر المؤيد في "تاريخه" أن في سنة إحدى وأربعين بعث ملك الروم إلى طغرلبك هدايا وتحفًا والتمس الهدنة فأجابه وعمر مسجد القسطنطينية وأقام فيها الخطبة لطغرلبك وتمكن ملكه.
وحاصر بأصبهان صاحبها ابن كاكويه أحد عشر شهرًا ثم أخذها بالأمان وأعجبته ونقل خزائنه من الري إليها.
ولما تمهدت البلاد لطغرلبك خطب بنت الخليفة القائم فتألم القائم واستعفى فلم يعف فزوجه بها ثم قدم طغرلبك بغداد للعرس.