للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

تشغيب بهم، وقد جاءني رجل بجزء لابن حزم سماه "نكت الإسلام" فيه دواهي، فجردت عليه نواهي وجاءني آخر برسالة في الاعتقاد فنقضتها برسالة الغرة والأمر أفحش من أن ينقض. يقولون: لا قول إلَّا ما قال الله ولا نتبع إلَّا رسول الله فإن الله لم يأمر بالاقتداء بأحد ولا بالاهتداء بهدي بشر. فيجب أن يتحققوا أنهم ليس لهم دليل وإنما هي سخافة في تهويل فأوصيكم بوصيتين: أن لا تستدلوا عليهم وأن تطالبوهم بالدليل فإن المبتدع إذا استدللت عليه شغب عليك وإذا طالبته بالدليل لم يجد إليه سبيلًا. فأما قولهم: لا قول إلَّا ما قال الله فحق ولكن أرني ما قال. وأما قولهم: لا حكم إلَّا لله. فغير مسلم على الإطلاق بل من حكم الله أن يجعل الحكم لغيره فيما قاله وأخبر به. صح أن رسول الله قال: "وإذا حاصرت أهل حصن فلا تنزلهم على حكم الله، فإنك لا تدري ما حكم الله، ولكن أنزلهم على حكمك" (١). وصح أنه قال: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء … " الحديث (٢).

قلت: لم ينصف القاضي أبو بكر شيخ أبيه في العلم، ولا تكلم فيه


(١) صحيح: أخرجه مسلم "١٧٣١"، وأبو داود "٢٦١٢" من حديث بريدة بن الحصيب.
(٢) صحيح: أخرجه أحمد "٤/ ١٢٦ - ١٢٧"، وأبو داود "٤٦٠٧"، والترمذي "٢٦٧٦"، وابن ماجه "٤٣" و"٤٤"، والدارمي "١/ ٤٤ - ٤٥"، وابن حبان في "صحيحه" "٥" ترتيب الفارسي، والأجري في "الشريعة" "ص ٤٦ - ٤٧"، والحاكم "١/ ٩٥ - ٩٧"، وابن عبد البر في "جامع بيان العلم "٢/ ١٨١ - ١٨٢"، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" "١١/ ٢٦٥/ ١"، من طريق عبد الرحمن بن عمرو السلمي، وحجر بن حجر قالا: أتينا العرباض بن سارية، وهو ممن نزل فيه: ﴿وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ﴾ [التوبة: ٩٢]، فسلمنا وقلنا: أتيناك زائرين ومقتبسين، فقال العرباض: صلى بنا رسول الله الصبح ذات يوم، ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ قال: "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبدا حبشيا مجدعا، فإنه من يعش منكم، فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين فتمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" والسياق لأبي داود. ولم يذكر الترمذي وغيره في سنده "حجر بن حجر" وقال: حديث حسن صحيح.
وله طريق ثان عند الحاكم "١/ ٩٧" من طريق يحيى بن أبي المطاع قال: سمعت العرباض بن سارية يقول فذكره بنحوه دون قوله: "وإن عبدا حبشيا"، وله طريق ثالث عند الحارث بن أبي أسامة في "المسند "١٩" من "زوائده" حدثنا سعيد بن عامر، عن عوف، عن رجل سماه أحسبه قال سعيد بن خثيم، عن رجل من الأنصار من أصحاب رسول الله الذين وفدوا إلى الشام. قال: وعظنا رسول الله ........... " الحديث بنحوه. وإسناده حسن، سعيد بن خثيم، صدوق كما في "التقريب".

<<  <  ج: ص:  >  >>