للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وصحب الوزير أبا نصر الكندري مدة يطوف معه، ويلتقي في حضرته بكبار العلماء، ويناظرهم، فتحنك بهم، وتهذب، وشاع ذكره، ثم حج، وجاور أربع سنين يدرس، ويفتي، ويجمع طرق المذهب، إلى أن رجع إلى بلده بعد مضي نوبة التعصب، فدرس بنظامية نيسابور، واستقام الأمر، وبقي على ذلك ثلاثين سنة غير مزاحم ولا مدافع، مسلمًا له المحراب والمنبر والخطبة والتدريس، ومجلس الوعظ يوم الجمعة، وظهرت تصانيفه، وحضر درسه الأكابر والجمع العظيم من الطلبة، كان يقعد بين يديه نحو من ثلاث مائة، وتفقه به أئمة.

أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد، أخبرنا الحافظ أبو محمد المنذري قال: توفي والد أبي المعالي، فأقعد مكانه ولم يكمل عشرين سنة، فكان يدرس، وأحكم الأصول على أبي القاسم الإسكاف، وجاور ثم رجع .. إلى أن قال: وسمع من محمد بن إبراهيم المزكي، وأبي سعد بن عليك، وفضل الله بن أبي الخير الميهني، وأبي محمد الجوهري البغدادي، وأجاز له أبو نعيم الحافظ، وسمع من الطرازي. كذا قال.

وقال السمعاني: قرأت بخط أبي جعفر محمد بن أبي علي: سمعت أبا إسحاق الفيروزآبادي يقول: تمتعوا من هذا الإمام، فإنه نزهة هذا الزمان يعني أبا المعالي الجويني.

وقرأت بخط أبي جعفر أيضًا: سمعت أبا المعالي يقول: قرأت خمسين ألفًا في خمسين ألفًا، ثم خليت أهل الإسلام بإسلامهم فيها وعلومهم الظاهرة، وركبت البحر الخضم، وغصت في الذي نهى أهل الإسلام، كل ذلك في طلب الحق، وكنت أهرب في سالف الدهر من التقليد، والآن فقد رجعت إلى كلمة الحق، عليكم بدين العجائز، فإن لم يدركني الحق بلطيف بره، فأموت على دين العجائز، ويختم عاقبة أمري عند الرحيل على كلمة الإخلاص: لا إله إلَّا الله، فالويل لابن الجويني.

قلت: كان هذا الإمام مع فرط ذكائه وإمامته في الفروع وأصول المذهب وقوة مناظرته لا يدري الحديث كما يليق به لا متنًا ولا إسنادًا. ذكر في كتاب البرهان حديث معاذ في القياس فقال: هو مدون في الصحاح، متفق على صحته.

قلت: بل مداره على الحارث بن عمرو، وفيه جهالة، عن رجال من أهل حمص، عن معاذ. فإسناده صالح.

قال المازري في "شرح البرهان" في قوله: إن الله يعلم الكليات لا الجزئيات: وددت لو محوتها بدمي.

<<  <  ج: ص:  >  >>