بالضيافة، فأنزله في أرض فيها دولاب وفواكه، فبادر له بثريد في لبن وسكر، وقال: نأتي بعد بما تحب. فرماه برجله، وضرب الشيخ، ففر الشيخ، وأتى إلبيرة، فعرف الملك بما جرى عليه، فقال: ارجع واصبر، وواعده، ثم جاءه بعد أيام في كبكبة منهم خصمه، فقدم الشيخ للملك مثل ذلك الثريد، فتناوله وأكله واستطابه، ثم قال: خذ بثأرك من هذا، فاضربه. فاستعظم الشيخ ذلك، فقال الملك: لا بد، فضربه حتى اقتص منه. فقال الملك: هذا حق هذا، بقي حق الله في إهانة نعمته، وحقي في اجتراء العمال. فضرب عنقه، وطيف برأسه. حكاها اليسع بن حزم.
وحكى أيضًا أن بعض أهل البادية كانت له بنت عم بديعة الحسن، فافتقر، ونزح بها، فصادفه في الطريق أمير صنهاجي، فأركبها شفقةً عيها، ثم أسرع بها، فلما وصل البدوي، أتى دار الأمير، فطردوه، فقصد الملك، فقال لذاك الأمير: ادفع إليه زوجته. فأنكر، فقال: يا بدوي! هل لك من شهيد ولو كلبًا يعرفها? قال: نعم. فدخل بكلب له إلى الدار، وأخرجت الحرم، فلما رآها الكلب، عرفها وبصبص، فأمر الملك بدفعها إلى البدوي، وضرب عنق الأمير، فقال البدوي: هي طالق لكونها سكتت، ورضيت. فقال الملك: صدقت، ولو لم تطلقها لألحقتك به. ثم أمر بالمرأة، فقتلت.
قال صاحب حماة: توفي والد باديس هذا: في سنة تسع وعشرين وأربع مائة، وتملك ابنه باديس بن حبوس، وامتدت أيامه، ثم تملك غرناطة ابن أخيه عبد الله بن بلكين بن حبوس، وبقي حتى أخذها منه يوسف بن تاشفين، سنة بضع وثمانين وأربع مائة.