وأخبرنا الحسن بن علي، أخبرنا جعفر الهمداني، أخبرنا أبو طاهر السلفي: سألت شجاعًا الذهلي عن ابن البطر، فقال: كان قريب الحال، لينًا في الرواية، فراجعته في ذلك، وقلت: ما عرفنا مما ذكرت شيئًا، وما قرئ عليه شيء يشك فيه، وسماعاته كالشمس وضوحًا، فقال: هو -لعمري- كما ذكرت، غير أني وجدت في بعض ما كان له به نسخة، سماعًا يشهد القلب ببطلانه، ولم يحمل عنه من ذلك شيء.
قال أبو المظفر في "مرآة الزمان": كان ابن البطر على دواليب البقر مشرفًا على علوفاتهم، فكتب إلى الخليفة المستظهر بالله: العبد ابن البقر المشرف على البطر، فضحك الخليفة من تغفيله.
قال السلفي: دخلت بغداد في الرابع والعشرين من شوال، فبادرت إلى ابن البطر، فدخلت عليه، وكان عسرًا، فقلت: قد وصلت من أصبهان لأجلك، فقال: اقرأ، ونطق بالراء غينًا، فقرأت متكئًا من دماميل بي، فقال: أبصر ذا الكلب! فاعتذرت بالدماميل، وبكيت من كلامه، وقرأت سبعةً وعشرين حديثًا، وقمت، ثم ترددت إليه، فقرأت عليه خمسةً وعشرين جزءًا، ولم يكن بذاك.
قال السمعاني: كان ابن البطر يسكن باب الغربة عند المشرعة مما يلي البدرية، وعمّر حتى صارت إليه الرحلة من الأطراف، وتكاثر عليه الطلبة، وكان صالحًا صدوقًا، صحيح السماع. هو آخر من حدث عن ابن البيع، وابن رزقويه، وابن بشران.
مات في سادس عشر شهر ربيع الأول، سنة أربع وتسعين وأربع مائة، وله ست وتسعون سنة.
أخبرنا بجزء فيه حديث الإفك للآجري الطواشي بلال المغيثي، قال: أخبرنا ابن رواج، أخبرنا السلفي، أخبرنا ابن البطر.
وقد روى هذا الجزء أبو الفتح بن شاتيل عن ابن البطر، وذلك وهم من بعض الطلبة، لم يدرك ابن شاتيل ذلك، والله أعلم.