للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال السمعاني: هو أحد المتقنين للمذهب، وله اطلاعٌ على أسرار الفقه، وكان ورعًا زاهدًا، متقيًا سديد الأحكام، ولي قضاء القضاة بعد أبي عبد الله الدامغاني مدةً إلى أن تغير عليه أمير المؤمنين المقتدي، فمنع الشهود من حضور مجلسه مدةً، فان يقول: ما أنعزل ما لم يتحقق علي فسقٌ، ثم إن المقتدي رضي وخلع عليه.

وشهد عنده المشطب الفرغاني، فلم يقبله، لكونه يلبس الحرير، فقال: تردني، والسلطان ووزيره نظام الملك يلبسانه?! فقال: ولو شهدا، لما قبلتهما.

قال ابن النجار: تفقه على القاضي أبي الطيب، وحفظ تعليقه، ولم يأخذ على القضاء رزقًا، ولا غير مأكله وملبسه، وكان يسوي بين الناس، فانقلب عليه الكبراء، وكان نزهًا ورعًا على طريقة السلف له كارك يؤجره كل شهرٍ بدينارٍ ونصف، كان يقتات منه، فلما ولي القضاء، جاء إنسانٌ، فدفع إليه أربعة دنانير، فأبى، وقال: لا أغير ساكني، وقد ارتبت بك، هلا كانت الزيادة من قبل القضاء؟!.

وكان يشد في وسطه مئزرًا، ويخلع في بيته ثيابه ويجلس، وقال: ما دخلت في القضاء حتى وجب علي.

قال أبو علي الصدفي: هو ورع زاهد، وأما الفقه، فكان يقال: لو رفع مذهب الشافعي، لأمكنه أم يمليه من صدره.

علق عنه: القاضي أبو الوليد الباجي.

قال عبد الوهاب الأنماطي: كان قاضي القضاة الشامي حسن الطريقة، ما كان يتبسم في مجلس قضائه.

قلت: كان قدومه بغداد في سنة عشرين وأربع مائة، وكان من أوعية الفقه، وقد صنف "البيان في أصول الدين" ينحو فيه إلى مذهب السلف.

قال أحمد بن عبد الله الآبنوسي: كان لقاضي القضاة الشامي كيسان، أحدهما يجعل فيه عمامته، وقميصًا من القطن الحسن، فإذا خرج لبسهما، والكيس الآخر فيه فتيت يجعل منه في قصعة ويقتات منه.

وعنه قال: أعصي إن لم ألِ القضاء، وكان أبو محمد التميمي -فيما قيل- قد بذل فيه ذهبًا كثيرًا، وقيل: كانت في الشامي حدةٌ وزعارةٌ، ومناقبه جمةٌ Object.

مات في شعبان سنة ثمان وثمانين وأربع مائة، وقد قارب التسعين، ودفن في تربةٍ عند أبي العباس بن سريج.

<<  <  ج: ص:  >  >>