قال أبو علي الصدفي: كان أبو بكر محبوبًا إلى الناس كلهم، فاضلا، حسن الذكر، ما رأيت مثله على طريقته، وكان لا يأتيه مستعير كتابًا إلَّا أعطاه أو دله عليه.
وسمعت أبا الوفاء بن عقيل الحنبلي الإمام يقول-: وذكر شدة إصابته بمطالبة طولب بها، وأنه كانت له عند ذلك خلوات يدعو ربه فيها ويناجيه، فقرأ علي مناجاته يقول-: ولئن قلت لي يا ربّ: هل واليت فيَّ وليًا? أقول: نعم يا ربّ، أبو بكر بن الخاضبة، ولئن قلت لي: هل عاديت فيّ عدوًا? فأقول: نعم يا ربّ. ولم يسمه. قال: فأخبرت ابن الخاضبة بقوله، فقال: اغترّ الشيخ.
قال أبو سعد السمعاني: نسخ ابن الخاضبة "صحيح مسلم" بالأجرة سبع مرات.
قال محمد بن طاهر: ما كان في الدنيا أحد أحسن قراءة للحديث من ابن الخاضبة في وقته، لو سمع إنسانٌ بقراءته يومين، لما ملّ.
قال السلفي: سألت أبا الكرم خميسًا الحوزي عن ابن الخاضبة، فقال: كان علامةً في الأدب، قدوةً في الحديث، جيد اللسان، جامعًا لخلال الخير، ما رأيت ببغداد من أهلها أحسن قراءةً للحديث منه، ولا أعرف بما يقوله.
قال ابن النجار: كان ابن الخاضبة ورعًا تقيًّا، زاهدًا ثقة، محبوبًا إلى الناس، روى اليسير.
وقال علي بن محمد الفصيحي: ما رأيت في أصحاب الحديث أقوم باللغة من ابن الخاضبة.
قال السلفي: وسألت أبا عامر العبدري عن ابن الخاضبة، فقال: كان خير موجودٍ في وقته، وكان لا يحفظ، إنما يعول على الكتب.
ابن طاهر: سمعت ابن الخاضبة، وكنت ذكرت له أن بعض الهاشميين حدثني بأصبهان أن أبا الحسين بن المهتدي بالله يرى الاعتزال، فقال: لا أدري، لكن أحكي لك: لما كان سنة الغرق، وقعت داري على قماشي وكتبي، ولم يكن لي شيء، وعندي الأم، والزوجة والبنات، فكنت أنسخ، وأنفق عليهن، فأعرف أنني كتبت "صحيح مسلم" في تلك السنة سبع مراتٍ، فلما كان في ليلةٍ من الليالي، رأيت القيامة قد قامت، ومنادٍ ينادي: أين ابن الخاضبة? فأحضرت، فقيل لي: ادخل الجنة، فلما دخلت الباب، وصرت من داخل، استلقيت على قفاي، ووضعت إحدى رجلي على الأخرى، وقلت: استرحت -والله- من