الوقت من بحر قسطنطينية، وجرت لهم مع طاغية الروم حروب، وعجز عنهم، ثم قالوا: ما نفتحه من بلاد الروم، فهو لك، ومهما نفتحه من بلاد الشام، فهو لنا.
وقيل: كانوا في أربع مائة ألف، ثم أخذوا بعض بلاد الملك قلج رسلان بالسيف، فجمع حينئذٍ عساكره، والتقاهم في سنة تسعين، وأشرف على النصر، ثم كسرته الفرنج، وقتل من جنده خلقٌ، وهرب واستغاث بملوك النواحي على ما دهم الإسلام، فوصلت كتبه إلى حلب مسخمة مشققة فيها بعض شعر النساء، وانزعج الخلق، ثم توجهت الفرنج إلى الشام، فقيل: اعتبروا عدتهم بأنطاكية، فكانوا أزيد من ثلاث مائة ألف نفس، فعاثوا وأخربوا البلاد، وتفرقوا، وكبسهم المسلمون، وجرت فتنٌ وحروب لا يعبر عنها، وأخذت أنطاكية بالسيف سنة إحدى وتسعين، وقتل صاحبها، وقتل أيضًا من كبار الفرنج عدد كثير، وكان الأمر إلى كندفري، ثم إلى أخيه بغدوين وبيمنت، وابن أخيه طنكل وصنجيل هؤلاء ملوكهم، ثم جاء المسلمون نجدةً لأنطاكية وقد أخذت، فحاربوا العدو أيامًا، وانتصروا، وهلك خلقٌ من العدو، وجاعوا، وجرى غير مصاف.