الأولى، فهؤلاء مذكورون في كتابه لمن تدبر الأبواب. والطبقة الثانية: قوم تكلم فيهم قوم، وزكاهم آخرون، فخرج حديثهم عمن ضعف أو اتهم ببدعة، وكذلك فعل البخاري.
ثم قال القاضي عياض: فعندي أنه أتى بطبقاته الثلاث في كتابه، وطرح الطبقة الرابعة.
فعقب الذهبي "١٠/ ١٨٢ - (١٨٣) " بقوله:
قلت: بل خرج حديث الطبقة الأولى، وحديث الثانية إلا النزر القليل مما يستنكره لأهل الطبقة الثانية. ثم خرج لأهل الطبقة الثالثة أحاديث ليست بالكثيرة في الشواهد والاعتبارات والمتابعات، وقل أن خرج لهم في الأصول شيئا، ولو استوعبت أحاديث أهل هذه الطبقة في "الصحيح"، لجاء الكتاب في حجم ما هو مرة أخرى، ولنزل كتابه بذلك الاستيعاب عن رتبة الصحة، وهم كعطاء بن السائب، وليث، ويزيد بن أبي زياد، وأبان بن صمعة، ومحمد بن إسحاق ومحمد بن عمرو بن علقمة وطائفة أمثالهم فلم يخرج لهم إلا الحديث بعد الحديث إذا كان له أصل وإنما يسوق أحاديث هؤلاء ويكثر منها أحمد في "مسنده"، وأبو داود والنسائي وغيرهم فإذا انحطوا إلى إخراج أحاديث الضعفاء الذين هم أهل الطبقة الرابعة، اختاروا منها، لم يستوعبوها على حسب آرائهم واجتهاداتهم في ذلك.
وأما أهل الطبقة الخامسة، كمن أجمع على إطراحه وتركه لعدم فهمه وضبطه، أو لكونه متهما، فيندر أن يخرج لهم أحمد، والنسائي. ويورد لهم أبو عيسى فيبينه بحسب اجتهاده، لكنه قليل. ويورد لهم ابن ماجه أحاديث قليلة ولا يبين والله أعلم. وقل ما يورد منها أبو داود فإن أورد بينه في غالب الأوقات.
وأما أهل الطبقة السادسة: كغلاة الرافضة، والجهمية الدعاة، وكالكذابين والوضاعين، وكالمتروكين المهتوكين، كعمر بن الصبح، ومحمد بن المصلوب، ونوح بن أبي مريم، وأحمد ابن الجويباري، وأبي حذيفة البخاري، فما لهم في الكتب حرف ما عدا عمر، فإن ابن ماجه خرج له حديثا واحدا (١) فلم يصب. وكذا خرج ابن ماجه للواقدي حديث واحدا، فدلس اسمه وأبهمه (٢).
(١)، (٢) راجع تعليقنا رقم "١٨٦"، "١٨٧" في الجزء العاشر "ص ١٨٣".