للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قلت: كيف بقولهم: ﴿فَأَكَلَهُ الذِّئْب﴾، ﴿وَجَاءُوا عَلَى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ﴾ [يوسف: ١٧، ١٨].

قال ابن الجوزي: حدثني محمد بن شاتيل المقرئ، حدثني أبو سعد بن أبي عمامة قال: كنت ليلة جالسًا في بيتي، وقد نام الناس، فدق الباب، فإذا بفرَّاشٍ وخادمٍ معه شمعة، فقال: بسم الله، فأدخلت على المستظهر، وعليه أثر غم، فأخذت في الحكايات والمواعظ وتصغير الدنيا، وهو لا يتغير، وأخذت في حكايات الكرام وغير ذلك، فقلت: هذا لا ينام، ولا يدعني أنام، فقلت: يا أمير المؤمنين، لي مسألة، قال: قل، قلت: ولا تكتمني? قال: لا، قلت: بالله حل عليك نقدةٌ للبائع، أو انكسر زورقك، أو وقعوا على قافلةٍ لك، وضاق وقتك? عندي طبق خلافٍ أنا أقرضه لك، وتبقى بارزيًا في الدروب وما يخلي الله من رزق، فهذا هم عظيم، وقد مرستني الليلة، فضحك حتى استلقى، وقال: قم، فعل الله بك وصنع، فقمت، وتبعني الخادم بدنانير وتخت وثياب.

قيل: إن ابن مقلد العواد غنى المستظهر، فسره، فأعطاه مائتي دينار، وقطعة كافور زنة ثلاثة أرطال مقمعة بذهب.

قال أبو طالب بن عبد السميع: كان من ألفاظ المستظهر:

خير ذخائر المرء لدنياه ذكرٌ جميلٌ، ولآخرته ثواب جزيل.

شح المرء بفلسه من دناءة نفسه.

الصبر على الشدائد ينتج الفوائد.

أدب السائل أنفع من الوسائل.

بضاعة العاقل لا تخسر، وربحها يظهر في المحشر.

وله نظم حسن.

قال محمد بن عبد الملك الهمذاني: توفي المستظهر بالله سحر ليلة الخميس، سادس عشرين ربيع الآخر، سنة اثنتي عشرة وخمس مائة، ومرض ثلاثة عشر يومًا من تراقي ظهر به، وبلغ إحدى وأربعين سنة وستة أيام، وكان لين الجانب، كريم الخلائق، مشكور المساعي، إذا سئل مكرمةً، أجاب إليها، وإذا ذكر بمثوبةٍ تشوف نحوها.

وقيل: إنه أنشد قبل موته بقليل، وبكى:

يا كوكبًا ما كان أقصر عمره … وكذاك عمر كواكب الأسحار

<<  <  ج: ص:  >  >>