لا أرى نقصًا في الخاطر والفكر والحفظ، وحدة النظر بالعين لرؤية الأهلة الخفية إلَّا أن القوة ضعيفة.
قال ابن الجوزي: كان ابن عقيل دينًا، حافظًا للحدود، توفي له ابنان، فظهر منه من الصبر ما يتعجب منه، وكان كريمًا ينفق ما يجد، وما خلف سوى كتبه وثياب بدنه، وكانت بمقدار، توفي بكرة الجمعة ثاني عشر جمادى الأولى، سنة ثلاث عشرة وخمس مائة، وكان الجمع يفوت الإحصاء، قال ابن ناصر شيخنا: حزرتهم بثلاث مائة ألف.
قال المبارك بن كامل: صلي على شيخنا بجامع القصر، فأمهم ابن شافع، وكان الجمع ما لا يحصى، وحمل على جامع المنصور، فصلي عليه، وجرت فتنةٌ، وتجارحوا، ونال الشيخ تقطيع كفن، ودفن قريبًا من الإمام أحمد.
وقال ابن الجوزي أيضًا فيه: هو فريد فنه، وإمام عصره، كان حسن الصورة، ظاهر المحاسن. قال: قرأت على القاضي أبي يعلى من سنة سبع وأربعين وإلى أن توفي، وحظيت من قربه بما لم يحظ به أحد من أصحابه مع حداثة سني، وكان أبو الحسن الشيرازي إمام الدنيا وزاهدها، وفارس المناظرة وواحدها، يعلمني المناظرة، وانتفعت بمصنفاته … ، ثم سمى جماعة من شيوخه.
ثم قال: وكان أصحابنا الحنابلة يريدون مني هجران جماعة من العلماء، وكان ذلك يحرمني علمًا نافعًا.
قلت: كانوا ينهونه عن مجالسة المعتزلة، ويأبى حتى وقع في حبائلهم، وتجسر على تأويل النصوص، نسأل الله السلامة.
قال: وأقبل علي الشيخ أبو منصور بن يوسف، وقدمني على الفتاوي، وأجلسني في حلقة البرامكة بجامع المنصور لما مات شيخنا في سنة ثمان وأربع مائة، وقام بكل مؤنتي وتجملي.
وأما أهل بيتي، فإنهم أرباب أقلام وكتابة وأدب، وعانيت من الفقر والنسخ بالأجرة مع عفة وتقى، ولم أزاحم فقيها في حلقة، ولا تطلب نفسي رتبة من رتب أهل العلم القاطعة عن الفائدة، وأوذيت من أصحابي، حتى طلب الدم، وأوذيت في دولة النظام بالطلب والحبس.
وفي "تاريخ ابن الأثير" قال: كان قد اشتغل بمذهب المعتزلة في حداثته على ابن الوليد، فأراد الحنابلة قتله، فاستجار بباب المراتب عدة سنين، ثم أظهر التوبة.