للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بها، فأقمت معها سنة، وأولدتها ولدا ذكرا، فمرضت في نفاسها، فتأملتها يوما فإذا في عنقها العقد بعينه بخيطه الأحمر، فقلت لها: لهذا قصة، وحكيت لها، فبكت، وقالت: أنت هو والله، لقد كان أبي يبكي، ويقول: اللهم ارزق بنتي مثل الذي رد العقد علي، وقد استجاب الله منه، ثم ماتت، فأخذت العقد والميراث، وعدت إلى بغداد.

وحكى عن نفسه، قال: كان عندنا بالظفرية دارٌ، كلما سكنها ناسٌ أصبحوا موتى، فجاء مرة رجلٌ مقرئ، فاكتراها، وارتضى بها، فبات بها وأصبح سالمًا، فعجب الجيران، وأقام مدةً، ثم انتقل، فسئل، فقال: لما بت بها، صليت العشاء، وقرأت شيئًا، وإذا شاب قد صعد من البئر، فسلم علي، فبهت، فقال: لا بأس عليك، علمني شيئًا من القرآن، فشرعت أعلمه، ثم قلت: هذه الدار، كيف حديثها? قال: نحن جن مسلمون، نقرأ ونصلي، وهذه الدار ما يكتريها إلَّا الفساق، فيجتمعون على الخمر، فنخنقهم، قلت: ففي الليل أخافك، فجئ نهارًا، قال: نعم، فكان يصعد من البئر في النهار، وألفته، فبينما هو يقرأ، إذا بمعزم في الدرب يقول: المرقي من الدبيب، ومن العين، ومن الجن، فقال: أيشٍ هذا? قلت: معزم، قال: اطلبه، فقمت وأدخلته، فإذا بالجني قد صار ثعبانًا في السقف، فعزم الرجل، فما زال الثعبان يتدلى حتى سقط في وسط المندل، فقام ليأخذه ويضعه في الزنبيل، فمنعته، فقال: أتمنعني من صيدي?! فأعطيته دينارًا وراح، فانتفض الثعبان، وخرج الجني، وقد ضعف واصفر وذاب، فقلت: ما لك? قال: قتلني هذا بهذه الأسامي، وما أظنني أفلح، فاجعل بالك الليلة، متى سمعت من البئر صراخًا، فانهزم. قال: فسمعت تلك الليلة النعي، فانهزمت. قال ابن عقيل: وامتنع أحد أن يسكن تلك الدار بعدها.

أخبرنا إسماعيل بن طارق، أخبرنا أبو البقاء يعيش، أخبرنا عبد الله بن أحمد الخطيب، أخبرنا علي بن عقيل الفقيه، أخبرنا أبو محمد الجوهري، أخبرنا القطيعي، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا هوذة، حدثنا عوف، عن سعيد بن أبي الحسن قال: كنت عند ابن عباس، إذ أتاه رجلٌ، فقال: إنما معيشتي من التصاوير، فقال: سمعت رسول الله يقول: "من صور صورة، عذبه الله يوم القيامة حتى ينفخ فيها، وليس بنافخ فيها أبدًا" (١).


(١) صحيح: أخرجه البخاري "٢٢٢٥"، ومسلم "٢١١٠"، والنسائي "٨/ ٢١٥"، وأحمد "١/ ٢٤١" من حديث ابن عباس، به.

<<  <  ج: ص:  >  >>