للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

قال ابن ناصر: خرج المسترشد بالله سنة تسع وعشرين وخمس مائة إلى همذان للإصلاح بين السلاطين، واختلاف الجند، وكان معه جمعٌ كثير من الأتراك، فغدر به أكثرهم، ولحقوا بمسعود بن محمد بن ملكشاه، ثم التقى الجمعان، فانهزم جمع المسترشد بالله في رمضان، وقبض عليه، وعلى خواصه، وحملوا إلى قلعة هناك، فحبسوا بها، وبقي الخليفة مع السلطان مسعود إلى نصف ذي القعدة، وحمل معهم إلى مراغة، ثم إن الباطنية ألفوا عليه جماعةً من الملاحدة، وكان قد أنزل ناحية من المعسكر، فدخلوا عليه، ففتكوا به، وبجماعةٍ كانوا على باب خركاهه، وقتلوا، ونقل، فدفن بمراغة، وكان مصرعه يوم الخميس سادس عشر ذي القعدة.

وجاء الخبر يوم التاسع من مقتله إلى بغداد، فكثر النوح والبكاء بها، وعمل العزاء.

وقال صدقة بن الحسين الحداد: كان قد صلى الظهر، وهو يقرأ في المصحف، وهو صائم، فدخل عليه من شرج الخيمة جماعة بالسكاكين، فقتلوه، ووقعت الصيحة، فقتل عليه جماعةٌ من أصحابه، منهم: أبو عبد الله بن سكينة، وابن الخزري، وخرجوا منهزمين، فأخذوا وقتلوا ثم أحرقوا، فبقيت يد أحدهم خارجة من النار مضمومة لم تحترق، ففتحت، وإذا فيها شعراتٌ من لحيته -صلوات الله عليه- فأخذها السلطان مسعود، وجعلها في تعويذ ذهب، وجلس للعزاء، وجاز الخادم ومعه المصحف، وعليه الدم إلى السلطان، وخرج أهل مراغة في المسوح وعلى وجوههم الرماد، وكانت خلافته سبع عشرة سنة وستة أشهر.

قال قثم بن طلحة: كان أشقر أعطر أشهل، خفيف العارضين، وخلف من الذكور: منصورًا الراشد بالله، وأحمد، وعبد الله، وإسحاق -توفي قبله- وبنتان، ووزر له محمد بن الحسين، وأبو علي بن صدقة، وعلي بن طراد، وأنوشروان.

وقضاته: علي بن الدامغاني، وعلي بن الحسين الزينبي.

قلت: بويع عند موت أبيه في ربيع الآخر، سنة اثنتي عشرة وخمس مائة، فكانت دولته سبع عشرة سنة وسبعة أشهر، وعاش ستًا وأربعين سنة، فقيل: إن الذين فتكوا به جهزهم مسعود، وكانوا سبعة عشر نفسًا، فأمسكوا، وقتلهم السلطان، وأظهر الحزن والجزع.

وقيل: بعث السلطان سنجر بن ملكشاه إلى ابن أخيه مسعود يوبخه على انتهاك حرمة المسترشد، ويأمره برده إلى مقر عزه، وأن يمشي بين يديه بالغاشية، ويخضع، ففعل ذلك ظاهرًا، وعمل على قتله، وقيل: بل الذي جهز الباطنية عليه السلطان سنجر من خراسان، وفيه بُعد.

<<  <  ج: ص:  >  >>