قال أبو سعد السمعاني: كان مكثرًا، متيقظًا، ورد علينا مرو قصدًا للرواية بها، وخرج معي إلى أصبهان لا شغل له إلَّا الرواية بها، وازدحم عليه الخلق، وكان يعرف الأجزاء، وجمع ونسخ وعمر، قرأت عليه "تاريخ نيسابور" في أيام قلائل، كنت أقرأ فيه سائر النهار، وكان يكرم الغرباء، ويعيرهم الأجزاء، ولكنه كان يخل بالصلوات إخلالًا ظاهرًا وقت خروجه معي إلى أصبهان، فقال لي أخوه وجيه: يا فلان، اجتهد حتى يقعد، لا يفتضح بترك الصلاة، وظهر الأمر كما قال وجيه، وعرف أهل أصبهان ذلك، وشغبوا عليه، وترك أبو العلاء أحمد بن محمد الحافظ الرواية عنه، وأنا فوقت قراءتي عليه "التاريخ" ما كنت أراه يصلي، وعرفنا بتركه الصلاة أبو القاسم الدمشقي، قال: أتيته قبل طلوع الشمس، فنبهوه، فنزل لنقرأ عليه، وما صلى، وقيل له في ذلك، فقال: لي عذر، وأنا أجمع الصلوات كلها، ولعله تاب، والله يغفر له، وكان خبيرًا بالشروط، وعليه العمدة في مجلس الحكم، مات: بنيسابور، في عاشر ربيع الآخر، سنة ثلاث وثلاثين وخمس مائة.
قلت: الشره يحملنا على الرواية لمثل هذا.
وقد حدث عنه: أبو موسى المديني، والسمعاني، وابن عساكر، وصاعد بن رجاء، ومنصور بن أبي الحسن الطبري، وعلي بن القاسم الثقفي، ومحمود بن أحمد المضري، وأبو أحمد بن سكينة، وأبو المجد زاهر الثقفي، وعبد اللطيف بن محمد الخوارزمي، ومحمد بن محمد بن محمد بن الجنيد، وعبد الباقي بن عثمان الهمذاني، وإبراهيم بن بركة البيع، وإبراهيم بن حمدية، وعلي بن محمد بن علي بن يعيش، ومودود بن محمد الهروي، والمؤيد بن محمد الطوسي، وزينب الشعرية، وعبد المعز بن محمد الهروي، وخلق كثير.
وعاش سبعًا وثمانين سنة.
ومات معه: أبو العباس أحمد بن عبد الملك بن أبي جمرة المرسي الذي أجاز له أبو عمرو الداني، والفقيه أبو علي الحسين بن الخليل النسفي، وأبو القاسم عبد الله بن أحمد بن يوسف اليوسفي، وأبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبيد الله الخطيبي بأصبهان، وأبو القاسم علي بن أفلح البغدادي الشاعر، وجمال الإسلام أبو الحسن علي بن المسلم الشافعي، وأم المجتبى فاطمة بنت ناصر العلوي، وأبو بكر محمد بن أبي نصر اللفتواني المحدث، ومحمد بن حمد الأصبهاني الطيبي، وصاحب دمشق شهاب الدين محمود بن بوري، وهبة الله بن سهل بن عمر بن البسطامي السيدي.