المسلمين علي بن يوسف، فاستخلف على بلاده ولده أبا المطرف، وكان من الأبطال الموصوفين أيضًا، فقدم محمد مراكش، فأمسك، وألزم بأن يخاطب بنيه في إخلاء بلاده للمرابطين، فأخلوها طاعةً لأبيهم، وترحلوا إلى غرب الأندلس، ففرح بذلك ابن رذمير، وحصر سرقسطة، وصنع عليها برجين عظيمين من خشب، وإن أهلها لما يئسوا من الغياث، خرجوا، وأحرقوا البرجين، واقتتلوا أشد قتال، وكتبوا إلى ابن تاشفين يستصرخون به، ومات ابن تيفلوت، وذلك في سنة إحدى عشرة وخمس مائة، فأنجدهم بأخيه تميم بن يوسف، فقدم في جيش كبير، وعنى ابن رذمير جيوشه، ففرح أهل سرقسطة بتميم، فكان عليهم لا لهم، جاء مواجه المدينة، ثم نكب عنها، وكان طائفة من خيلها ورجلها قد تلقوه، فحمل عليهم حملةً قتل منهم جماعةً كثيرة، ثم نكب عن لقاء العدو، وانصرف إلى جهات المورالة، واشتد البلاء على البلد، ثم سلموه بالأمان، على أن من شاء أقام به، وكان ابن رذمير معروفًا بالوفاء، حدثني من أثق به: أن رجلًا كانت له بنت من أجمل النساء، ففقدها، فأخبر أن كبيرًا من رؤوس الروم خرج بها إلى سرقسطة، فتبعه أبواها وأقاربها، فشكوه إلى ابن رذمير، فأحضره، وقال: علي بالنار، كيف تفعل هذا بمن هو في جواري? فقال الرومي: لا تعجل علي، فإنها فرت إلى ديننا، فجيء بها، فأنكرت أبويها، وارتدت. ولما دخل سرقسطة، أقرهم على الصلاة في جامعها سبعة أعوام، وبعد ذلك يعمل ما يرى، وحاصر قتندة بعد سرقسطة سنتين، فلما كان في آخر سنة أربع عشرة، قصده عبد الله بن حيونة في جيش فيهم قاضي المرية أبو عبد الله بن الفراء، وأبو علي بن سكرة، فبرز لهم اللعين، فقتل خلقًا، وأسر آخرون، واستشهد المذكوران، فبنى عليهم ابن رذمير قبورًا، ثم سلم البلد إليه، وأخذ في تلك المدة دورقة، وقلعة أيوب، وطرسونة، وأكثر من مائتي مسور، ولم يبق أكثر من ثلاثة مدائن لم يأخذها، وبقي من أعمال بني هود لاردة، وإفراغة، وطرطوشة، وغير ذلك معاملة عشرة أيام لم يظفر اللعين بها، فقام بلاردة الهمام البطل أبو محمد، وقام بإفراغة الزاهد المجاهد محمد مردنيش الجذامي جد الأمير محمد بن سعد