وكان الناس قد ازدحموا عليه يسمعون كلامه ومواعظه، فخاف ابن تاشفين سلطان الوقت من ظهوره، وظن أنه من أنموذج ابن تومرت، فيقال: إنه قتله سرًا، فسقاه، والله أعلم.
وقد قرأ بالروايات على اثنين من بقايا أصحاب أبي عمرو الداني، ولبس الخرقة من أبي بكر عبد الباقي المذكور آخر أصحاب أبي عمر الطلمنكي وفاة.
قال ابن مسدي: ابن العريف ممن ضرب عليه الكمال رواق التعريف، فأشرقت بأضرابه البلاد، وشرقت به جماعة الحساد، حتى لسعوا به إلى سلطان عصره، وخوفوه من عاقبة أمره، لاشتمال القلوب عليه، وانضواء الغرباء إليه، فغرب إلى مراكش، فيقال: إنه سم: وتوفي شهيدًا، وكان لما احتمل إلى مراكش، استوحش، فغرق في البحر جميع مؤلفاته، فلم يبق منه إلَّا ما كتب منها عنه. روى عنه: أبو بكر بن الرزق الحافظ، وأبو محمد بن ذي النون، وأبو العباس الأندرشي، ولبس منه الخرقة، وصحب جدي الزاهد موسى بن مسدي، ولعله آخر من بقي من أصحابه.
ثم قال: مولد ابن العريف في جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين وأربع مائة.
قلت: هذا القول أشبه بالصحة مما تقدم، فإن شيوخه عامتهم كانوا بعد الخمس مائة، فلقيهم وعمره عشرون سنةً.
ثم قال: وأقدم شيوخه سنًا وإسنادًا عبد الباقي بن محمد الحجاري الزاهد، وكان عبد الباقي قد حمله أبوه وهو ابن عشر سنين إلى أبي عمر الطلمنكي، فقرأ عليه القرآن، وقد ذكرناه في سنة اثنتين وخمس مائة، وأنه عاش ثمانيًا وثمانين سنة.
قال: وتوفي أبو العباس بن العريف بمراكش، ليلة الجمعة، الثالث والعشرين من رمضان، سنة ست وثلاثين وخمس مائة.
وأما ابن بشكوال، فقال: في صفر، بدل رمضان، فالله أعلم.
ثم قال ابن بشكوال: واحتفل الناس بجنازته، وندم السلطان على ما كان منه في جانبه، فظهرت له كرامات، ﵀.