للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

راحلته إذا رأى جدر المدينة (١). وكان حلو الشمائل، استمليت عليه بمكة والمدينة، وكتب عني، قال لي مرةً: أوقفتك. واعتذر، فقلت: يا سيدي، الوقوف على باب المحدث عز. فقال: لك بهذه الكلمة إسناد? قلت: لا. قال: أنت إسنادها. وسمعت إسماعيل بن محمد الحافظ يقول: رحل أبو سعد إلى أبي نصر الزينبي، فدخل بغداد وقد مات، فجعل أبو سعد يلطم على رأسه، ويبكي، ويقول: من أين أجد علي بن الجعد، عن شعبة?!

وقال عبد الله بن مرزوق الحافظ: أبو سعد بن البغدادي شعلة نار.

قال السمعاني: وسمعت معمر بن الفاخر يقول: أبو سعد يحفظ "صحيح مسلم"، وكان يتكلم على الأحاديث بكلام مليح.

وقال ابن النجار: هو إمام في الزهد والحديث، واعظ، كتب عنه شجاع الذهلي، وابن ناصر، كان إذا أكل اغرورقت عيناه، ويقول: كان داود إذا أراد أن يأكل بكى.

قال أبو الفتح محمد بن علي النطنزي: كنت ببغداد، فاقترض مني أبو سعد بن البغدادي عشرة دنانير، فاتفق أني دخلت على السلطان مسعود بن محمد، فذكرت له ذلك، فبعث معي إليه خمس مائة دينار، فأبى أن يأخذها.

قال ابن الجوزي: حج أبو سعد إحدى عشرة حجةً، وتردد مرارًا، وسمعت منه الكثير، ورأيت أخلاقه اللطيفة، ومحاسنه الجميلة، مات بنهاوند، راجعًا من الحج، في ربيع الأول، سنة أربعين وخمس مائة، وحمل إلى أصبهان، فدفن بها.

وقال عبد الرحيم الحاجي: مات في ربيع الآخر منها.

ومات ابنه أبو سعيد عبد اللطيف بن البغدادي بأصبهان سنة ثمان وخمسين وخمس مائة. يروي عن أبي مطيع، وأبي الفتح الحداد، وطائفة.

أنبأنا بكتاب "معرفة الصحابة" لأبي عبد الله بن مندة جمال الدين يحيى بن الصيرفي، قال: أخبرنا به محمد بن علي القبيطي قراءةً عليه، أخبرنا أبو سعد الحافظ، أخبرنا به غير واحد ملفقًا، قالوا: أخبرنا المؤلف، .


(١) صحيح: أخرجه البخاري "١٨٠٢"، من طريق حميد أنه سمع أنسًا يقول: كان رسول الله إذا قدم من سفر فأبصر درجات المدينة أوضع ناقته، وإن كانت دابة حركها". ووقع في رواية إسماعيل عن حميد، عن أنس: ""جدرات" بدل "درجات". وقوله أوضع: أي أسرع السير.

<<  <  ج: ص:  >  >>