بأحوال المصامدة، وخوفه من عبد المؤمن بن علي، وقال له: إني خادمك في هذا البلد، وحائل بينك وبين عبد المؤمن، وكان للمصامدة إذ ذاك وقع في النفوس، فاستنابه عليها، وخرج السليطين بجملته عنها، وخرج عنها أيضًا ابن غانية يريد إشبيلية، فدخل قرطبة أبو الغمر نائبًا عن عبد المؤمن، وهو أبو الغمر بن غلبون أحد الأبطال وصاحب رندة، وثار بإشبيلية وبلادها أبو الحسن علي بن ميمون، وثار بكل ناحية رئيس، ثم اتفق رأي الجميع على تجويز المصامدة الذين تلقبوا بالموحدين من سبتة إلى الجزيرة الخضراء، وجرت فتن كبار، وزالت دولة المرابطين، وأقبلت دولة الموحدين.
ولد ابن حمدين قبل الخمس مائة بقرطبة.
وهو القاضي أبو جعفر حمدين بن محمد بن علي بن محمد بن عبد العزيز بن حمدين الثعلبي، قاضي الجماعة بقرطبة.
ولي القضاء سنة تسع وعشرين وخمس مائة، بعد مقتل الشهيد القاضي أبي عبد الله بن الحاج.
وكان من بيت حشمة وجلالة، صارت إليه رئاسة قرطبة عند اختلال أمر الملثمين وقيام ابن قسي عليهم بقرب الأندلس، فلقب ابن حمدين بأمير المسلمين المنصور بالله في رمضان سنة تسع وثلاثي وخمس مائة، ودعي له في الخطبة على أكثر منابر الأندلس، ولكن لم يطل ذلك، ثم تعاورته المحن في قصص يطول شرحها، ثم تحول إلى مالقة، وأقام بها خاملًا إلى أن توفي سنة ثمان وأربعين وخمس مائة.