بالروايات الكثيرة على الحداد، وعلى أبي عبد الله البارع، وأبي بكر المزرفي، وجماعة.
وارتحل إلى خراسان، فسمع من محمد بن الفضل الفراوي "صحيح مسلم"، وما زال يسمع ويرحل ويسمع أولاده. وآخر قدماته إلى بغداد، وكان بعد الأربعين، فقرأ لأولاده على أبي الفضل الأرموي، وابن ناصر، وابن الزاغوني، فحدث إذ ذاك بها وأقرأ.
فتلا عليه بالعشرة أبو أحمد عبد الوهاب بن سكينة.
وروى عنه هو وأبو المواهب ابن صصرى، وعبد القادر بن عبد الله الرهاوي، ويوسف بن أحمد الشيرازي، ومحمد بن محمود الحمامي، وعتيق بن بدل المكي، وأولاده: أحمد، وعبد البر، وفاطمة، وأسباطه: القاضي علي، ومحمد، وعبد الحميد، بنو عبد الرشيد بن علي بن بنيمان، وآخرون.
وروى عنه بالإجازة أبو الحسن ابن المقير، وغيره.
قال أبو سعد السمعاني: هو حافظ متقن، ومقرئ فاضل، حسن السيرة، جميل الأمر، مرضي الطريقة، عزيز النفس، سخي بما يملكه، مكرم للغرباء، يعرف الحديث والقراءات والآداب معرفةً حسنةً، سمعت منه بهمذان.
وقال الحافظ عبد القادر: شيخنا أشهر من أن يعرف؛ تعذر وجود مثله من أعصار كثيرة، على ما بلغنا من سير العلماء والمشايخ، أربى على أهل زمانه في كثرة السماعات، مع تحصيل أصول ما سمع، وجودة النسخ، وإتقان ما كتبه بخطه؛ فإنه ما كان يكتب شيئًا إلَّا منقوطًا معربًا، وأول سماعه من الدوني سنة ٤٩٥، وبرع على حفاظ عصره في حفظ ما يتعلق بالحديث من الأنساب والتواريخ والأسماء والكنى والقصص والسير.
ولقد كان يومًا في مجلسه، وجاءته فتوى في أمر عثمان ﵁، فأخذها، وكتب فيها من حفظه، ونحن جلوس، درجًا طويلًا، ذكر فيه نسبه، ومولده، ووفاته، وأولاده، وما قيل فيه، إلى غير ذلك.
وله التصانيف في الحديث، وفي الزهد والرقائق، وقد صنف كتاب "زاد المسافر" في خمسين مجلدًا، وكان إمامًا في الحديث وعلومه.
وحصل من القراءات ما إنه صنف فيها العشرة والمفردات، وصنف في الوقف والابتداء، وفي التجويد، وكتابًا في ماءات القرآن، وفي العدد، وكتابًا في معرفة القراء في نحو من عشرين مجلدًا، استحسنت تصانيفه، وكتبت، ونقلت إلى خوارزم وإلى الشام، وبرع عنده