تدريس المدرستين اللتين أنشأهما نور الدين وأسد الدين، ثم سار إلى همذان، ودرس بها مدةً، ثم عاد إلى دمشق، ودرس بالغزالية ثانيًا، وتفقه به الأصحاب. وكان حسن الأخلاق، متوددًا، قليل التصنع. ثم سار إلى بغداد رسولًا.
روى عنه: أبو المواهب بن صصرى، وأخوه الحسين، والتاج ابن حمويه، وطائفة.
وأجاز للحافظ الضياء.
قال ابن عساكر: كان أبوه من طريثيث. كان أديبًا يقرئ الأدب، قدم ووعظ، وحصل له قبول، وكان حسن النظر مواظبًا على التدريس، وقد تفرد برئاسة أصحاب الشافعي.
قال ابن النجار: قدم بغداد رسولًا، وتزوج بابنة أبي الفتوح الإسفراييني. أنشدني أبو الحسن القطيعي، أنشدني أبو المعالي مسعود بن محمد الفقيه:
يقولون: أسباب الفراغ ثلاثةٌ … ورابعها خلّوه وهو خيارها
وقد ذكروا أمنًا ومالًا وصحةً … ولم يعلموا أنّ الشباب مدارها
قلت: كان فصيحًا، مفوهًا، مفسرًا، فقيهًا، خلافيًا، درس أيضًا بالجاروخية، وقيل: إنه وعظ بدمشق، وطلب من الملك نور الدين أن يحضر مجلسه، فحضره، فأخذ يعظه، ويناديه: يا محمود، كما كان يفعل البرهان البلخي شيخ الحنفية، فأمر الحاجب، فطلع، وأمره أن لا يناديه باسمه، فقيل فيما بعد للملك، فقال: إن البرهان كان إذا قال: يا محمود قف شعري هيبةً له، ويرق قلبي، وهذا إذا قال، قسا قلبي، وضاق صدري. حكى هذه سبط ابن الجوزي، وقال: كان القطب غريقًا في بحار الدنيا.
قال القاسم ابن عساكر: مات في سلخ رمضان سنة ثمان وسبعين وخمس مائة، ودفن يوم العيد في مقبرة أنشأها جوار مقبرة الصوفية غربي دمشق.