قال ابن الدبيثي: عاش أبو موسى حتى صار أوحد وقته، وشيخ زمانه إسنادًا وحفظًا.
وقال أبو سعد السمعاني: سمعت من أبي موسى، وكتب عني، وهو ثقة صدوق.
وقال عبد القادر الحافظ: حصل أبو موسى من المسموعات بأصبهان ما لم يحصل لأحد في زمانه، وأنضم إلى ذلك الحفظ والإتقان، وله التصانيف التي أربى فيها على المتقدمين، مع الثقة، والعفة، كان له شيء يسير يتربح به، وينفق منه، ولا يقبل من أحد شيئًا قط، أوصى إليه غير واحد بمال، فيرده، فكان يقال له: فرقه على من ترى، فيمتنع، وكان فيه من التواضع بحيث أنه يقرئ الصغير والكبير، ويرشد المبتدئ، رأيته يحفظ الصبيان القرآن في الألواح، وكان يمنع من يمشي معه، فعلت ذلك مرةً، فزجرني، وترددت إليه نحوًا من سنة ونصف، فما رأيت منه، ولا سمعت عنه سقطةً تعاب عليه.
وكان أبو مسعود كوتاه يقول: أبو موسى كنز مخفي.
قال الحسين بن يوحن الباوري: كنت في مدينة الخان، فسألني سائل عن رؤيا، فقال: رأيت كأن رسول الله ﷺ توفي، فقال: إن صدقت رؤياك، يموت إمام لا نظير له في زمانه؛ فإن مثل هذا المنام رئي حال وفاة الشافعي والثوري وأحمد بن حنبل، قال: فما أمسينا حتى جاءنا الخبر بوفاة الحافظ أبي موسى المديني.
وعن عبد الله بن محمد الخجندي، قال: لما مات أبو موسى، لم يكادوا أن يفرغوا منه، حتى جاء مطر عظيم في الحر الشديد، وكان الماء قليلًا بأصبهان، فما انفصل أحد عن المكان مع كثرة الخلق إلَّا قليلًا، وكان قد ذكر في آخر إملاء أملاه: أنه متى مات من له منزلة عند الله، فإن الله يبعث سحابًا يوم موته علامةً للمغفرة له، ولمن صلى عليه.
سمعت شيخنا العلامة أبا العباس بن عبد الحليم يثني على حفظ أبي موسى ويقدمه على الحافظ ابن عساكر باعتبار تصانيفه ونفعها.
وقال محمد بن محمود الرويدشتي: توفي أبو موسى في تاسع جمادى الأولى سنة إحدى وثمانين وخمس مائة.
قلت: كان حافظ المشرق في زمانه.
وفيها مات حافظ المغرب أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن الأزدي مصنف الأحكام، وعالم الأندلس الحافظ أبو زيد عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن إصبغ الخثعمي السهيلي المالقي الضرير صاحب الروض الأنف، ومسند الوقت أبو الفتح عبيد الله