وروى عنه: الإمام بهاء الدين ابن الجميزي، وشهاب الدين القوصي.
ثم درس بمنازل العز، وتخرج به أئمة، وكان جامعًا للفنون، غير محتفل بأبناء الدنيا. وعظ بجامع مصر مدة.
قال الإمام أبو شامة: قيل: إنه قدم بغداد، فكان يركب بالسنجق والسيوف المسللة والغاشية والطوق في عنق البغلة، فمنع من ذلك، فسافر إلى مصر، ووعظ، وأظهر مقالة الأشعري، فثارت الحنابلة، وكان يجري بينه وبين زين الدين ابن نجية كبيرهم العجائب والسب.
قال: وبلغني أنه سئل: أيما أفضل دم الحسين، أو دم الحلاج? فاستعظم ذلك، قالوا: فدم الحلاج كتب على الأرض: الله، الله، ولا كذلك دم الحسين?! قال: المتهم يحتاج إلى تزكية!
قلت: لم يصح هذا عن دم الحلاج، وليسا سواءً: فالحسين ﵁ شهيد قتل بسيف أهل الشر، والحلاج فقتل على الزندقة بسيف أهل الشرع.
وقال الموفق عبد اللطيف: كان طوالًا، مهيبًا، مقدامًا، ساد الجواب في المحافل، أقبل عليه تقي الدين عمر، وبنى له مدرسةً، وكان يلقي الدرس من كتاب، وكان يرتاعه كل أحد، وهو يرتاع من الخبوشاني، ويتضاءل له، وكان يحمق بظرافة، ويتيه على الملوك بلباقة، ويخاطب الفقهاء بصرامة، عرض له جدري بعد الثمانين عم جسده، وجاء يوم عيد، والسلطان بالميدان، فأقبل الطوسي وبين يديه مناد ينادي: هذا ملك العلماء، والغاشية على الأصابع، فإذا رآها المجان، قرأوا: ﴿هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ﴾ [الغاشية: ١]، الغاشية فتفرق الأمراء غيظًا منه. وجرى له مع العادل ومع ابن شكر قضايا عجيبة، لما تعرضوا لأوقاف المدارس، فذب عن الناس، وثبت.
قال ابن النجار: مات بمصر في ذي القعدة سنة ست وتسعين وخمس مائة وحمله أولاد السلطان على رقابهم، ﵀.