ترسل لنور الدين إلى الديوان العزيز سنة أربع وستين وخمس مائة.
قال ابن النجار: كان مليح الوعظ، لطيف الطبع، حلو الإيراد، كثير المعاني، متدينًا، حميد السيرة، ذا منزلة رفيعة، وهو سبط الشيخ أبي الفرج.
قال أبو شامة: كان كبير القدر، معظمًا عند صلاح الدين، وهو الذي نم على الفقيه عمارة اليمني وأصحابه بما كانوا عزموا عليه من قلب الدولة، فشنقهم صلاح الدين وكان صلاح الدين يكاتبه، ويحضره مجلسه، وكذلك ولده الملك العزيز من بعده، وكان واعظًا مفسرًا، سكن مصر، وكان له جاه عظيم، وحرمة زائدة، وكان يجري بينه وبين الشهاب الطوسي العجائب، لأنه كان حنبليًا، وكان الشهاب أشعريًا واعظًا. جلس ابن نجية يومًا في جامع القرافة، فوقع عليه وعلى جماعة سقف، فعمل الطوسي فصلًا ذكر فيه: ﴿فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ﴾ [النحل: ٢٦]. جاء يومًا كلب يشق الصفوف في مجلس ابن نجية، فقال: هذا من هناك، وأشار إلى جهة الطوسي.
قال أبو المظفر السبط: اقتنى ابن نجية أموالًا عظيمةً، وتنعم تنعمًا زائدًا، بحيث أنه كان في داره عشرون جاريةً للفراش، تساوي كل واحدة ألف دينار وأكثر، وكان يعمل له من الأطعمة ما لا يعمل للملوك، أعطاه الخلفاء والملوك أموالًا جزيلةً. قال: ومع هذا مات فقيرًا كفنه بعض أصحابه.
قال المنذري: مات في سابع رمضان سنة تسع وتسعين وخمس مائة. وماتت بعده زوجته فاطمة بسنة.