والدي يكتب، وينقله من الأوراق الصغار والظهور، ويهذب إلى أن نجز منه نحو مائة وخمسين جزءًا، وكان بينهما نفرة، فكان لا يحضر السماع تلك المدة، فحكى لي والدي، قال: ضاق صدري، فأتيت الوالد ليلة النصف في المنارة الشرقية، وزال ما في قلبه. وسمعت أبا جعفر القرطبي كثيرًا يقول عند غيبة والدك عنه: جزاه الله عني خيرًا، فلولاه ما تم التاريخ، هذا أو معناه.
قلت: يقال: إن الحافظ أبا القاسم حلف أنه لا يكلم ابنه حتى يكتب التاريخ، فكتبه، ولما عمل بهاء الدين كتاب "الجهاد"، سمعه منه كله السلطان صلاح الدين في سنة ست وسبعين، قال: فدعوت في أوله وآخره بفتح بيت المقدس، فاستجاب الله ذلك، وله الحمد، وفتح بيت المقدس في السادس والعشرين من رجب سنة ثلاث وثمانين وخمس مائة وأنا حاضر فتحه.
توفي الحافظ بهاء الدين في تاسع صفر سنة ست مائة، وكانت جنازته مشهودةً.