قال: ولد سنة إحدى وأربعين وخمس مائة بجماعيل، أظنه في ربيع الآخر، قالت والدتي: هو أكبر من أخيها الشيخ الموفق بأربعة أشهر، والموفق ولد في شعبان.
سمع الكثير بدمشق، والإسكندرية، وبيت المقدس، ومصر، وبغداد، وحران، والموصل، وأصبهان، وهمذان، وكتب الكثير.
سمع: أبا الفتح ابن البطي، وأبا الحسن علي بن رباح الفراء، والشيخ عبد القادر الجيلي، وهبة الله بن هلال الدقاق، وأبا زرعة المقدسي، ومعمر بن الفاخر، وأحمد بن المقرب، ويحيى بن ثابت، وأبا بكر بن النقور، وأحمد بن عبد الغني الباجسرائي، وعدة ببغداد، والحافظ أبا طاهر السلفي، فكتب عنه نحوًا من ألف جزء، وبدمشق أبا المكارم بن هلال، وسلمان بن علي الرحبي، وأبا المعالي بن صابر، وعدة. وبمصر: محمد بن علي الرحبي، وعبد الله بن بري، وطائفة، وبأصبهان الحافظ أبا موسى المديني، وأبا الوفاء محمود بن حمكا، وأبا الفتح الخرقي، وابن ينال الترك، ومحمد بن عبد الواحد الصائغ، وحبيب بن إبراهيم الصوفي، وبالموصل أبا الفضل الطوسي، وطائفةً. ولم يزل يطلب ويسمع ويكتب، ويسهر، ويدأب، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويتقي الله، ويتعبد ويصوم، ويتهجد، وينشر العلم إلى أن مات. رحل إلى بغداد مرتين، وإلى مصر مرتين؛ سافر إلى بغداد هو وابن خاله الشيخ الموفق في أول سنة إحدى وستين، فكانا يخرجان معًا ويذهب أحدهما في صحبة رفيقه إلى درسه وسماعه، كانا شابين مختطين، وخوفهما الناس من أهل بغداد، وكان الحافظ ميله إلى الحديث والموفق يريد الفقه، فتفقه الحافظ وسمع الموفق معه الكثير، فلما رآهما العقلاء على التصون وقلة المخالطة أحبوهما، وأحسنوا إليهما، وحصلا علمًا جمًا، فأقاما ببغداد نحو أربع سنين، ونزلا أولًا عند الشيخ عبد القادر فأحسن إليهما، ثم مات بعد قدومهما بخمسين ليلة، ثم اشتغلا بالفقه والخلاف على ابن المني. ورحل الحافظ إلى السلفي في سنة ست وستين، فأقام مدةً، ثم رحل أيضًا إلى السلفي سنة سبعين. ثم سافر سنة نيف وسبعين إلى اصبهان، فأقام بها مدةً، وحصل الكتب الجيدة.
قال الضياء: وكان ليس بالأبيض الأمهق، بل يميل إلى السمرة، حسن الشعر، كث اللحية، واسع الجبين، عظيم الخلق، تام القامة، كأن النور يخرج من وجهه، وكان قد ضعف بصره من البكاء والنسخ والمطالعة.
قلت: حدث عنه الشيخ موفق الدين، والحافظ عز الدين محمد، والحافظ أبو موسى عبد