وتفقه بالثغر على: الفقيه صالح ابن بنت معافى، وأبي الطاهر بن عوف الزهري، وعبد السلام بن عتيق السفاقسي، وأبي طالب أحمد بن المسلم اللخمي. وبرع في المذهب، وسمع منهم، ومن الحافظ أبي طاهر السلفي، ولزمه سنوات، وأكثر عنه، وانقطع إليه، وأسمع ولده محمدًا منه، ة سمع أيضًا من القاضي أبي عبيد نعمة بن زيادة الله الغفاري؛ حدثه بأكثر "صحيح البخاري"، عن عيسى بن أبي ذر الهروي ثم السروي، وسماعه منه "للصحيح" سوى قطعة من آخره في سنة ثمان وخمسين. وسمع من: بدر الخذاداذي، وعبد الرحمن بن خلف الله المقرئ، وأبي محمد العثماني، وعبد الله بن بري النحوي، وعلي بن هبة الله الكاملي، ومحمد بن علي الرحبي، وخلق كثير بالثغر ومصر والحرمين.
وجمع وصنف وتصدر للإشغال، وناب في الحكم بالإسكندرية مدة، ثم درس بمدرسته التي هناك مدة، ثم إنه تحول إلى القاهرة، ودرس بالمدرسة التي أنشأها الصاحب ابن شكر، وإلى أن مات. وكان مقدمًا في المذهب، وفي الحديث؛ له تصانيف محررة، رأيت له في سنة ست وثمانين كتاب "الصيام" بالأسانيد، وله "الأربعون في طبقات الحفاظ"، ولما رأيتها تحركت همتي إلى جمع الحفاظ وأحوالهم.
وكان ذا دين وورع وتصون وعدالة وأخلاق رضية ومشاركة في الفضل قوية.
ذكره تلميذه الحافظ أبو محمد المنذري، وبالغ في توقيره وتوثيقه، وقال: رحل إلى مصر في سنة أربع وسبعين، فسمع محمد بن علي الرحبي، وسمى جماعة، وكان متورعًا، حسن الأخلاق، جامعًا لفنون، انتفعت به كثيرًا.
قلت: لو كان ارتحل إلى بغداد والموصل، للحق جماعة مسندين، ومتى خرج عن السلفي نزلت روايته وقلت.
أجاز له من المغرب مسند وقته أبو الحسن علي بن أحمد بن حنين، وجماعة.
ولما توفي، قال بعض الفضلاء لما مروا بنعشه: رحمك الله أبا الحسن، قد كنت أسقطت عن الناس فروضًا -يريد: لنهوضه بفنون من العلم.
حدث عنه: المنذري، والرشيد الأرموي، وزكي الدين البرزالي، ومجد الدين علي بن وهب القشيري، والعلم عبد الحق ابن الرصاص، والشرف عبد الملك بن نصر الفهري اللغوي، وإسحاق بن بلكويه الصوفي، والحسن بن عثمان القابسي المحتسب، والجمال