وكان مليح الهيئة، حلو الشمائل. قيل: ما هزمت له راية. وكان له عكوف على الملاهي والمسكر -عفا الله عنه- ويبالغ في الخضوع للفقراء ويزورهم ويعطيهم، ويجيز على الشعر، ويبعث في رمضان بالحلاوات إلى أماكن الفقراء، ويشارك في صنائع، وله فهم وذكاء وسياسة. أخرب خان العقيبة، وعمله جامعًا.
قال سبط الجوزي: فجلست فيه، وحضر الأشرف وبكى وأعتق جماعة. وعمل مسجد باب النصر، ودار السعادة، ومسجد أبي الدرداء، وجامع جراح، وداري الحديث بالبلد وبالسفح والدهشة، وجامع بيت الأبار.
قال سبط الجوزي: كان الأشرف يحضر مجالسي بحران، وبخلاط، ودمشق، وكان ملكًا عفيفًا، قال لي: ما مددت عيني إلى حريم أحد ولا ذكر ولا أنثى، جائتني عجوز من عند بنت صاحب خلاط شاه أرمن بأن الحاجب عليا أخذ لها ضيعة فكتبت بإطلاقها. فقالت العجوز: تريد أن تحضر بين يديك. فقلت: باسم الله، فجاءت بها، فلم أر أحسن من قوامها، ولا أحسن من شكلها، فخدمت، فقمت لها، وقلت: أنت في هذا البلد وأنا لا أدري? فسفرت عن وجه أضاءت منه الغرفة، فقلت: لا، استتري. فقالت: مات أبي واستولى على المدينة بكتمر، ثم أخذ الحاجب قريتي، وبقيت أعيش من عمل النقش وفي دار بالكراء. فبكيت لها، وأمرت لها بدار وقماش، فقالت العجوز: يا خوند إلَّا تحظى الليلة بك? فوقع في قلبي تغير الزمان وأن خلاط يملكها غيري، وتحتاج بنتي أن تقعد هذه القعدة، فقلت: معاذ الله ما هذا من شيمتي. فقامت الشابة باكية تقول: صان الله عواقبك. وحدثني أن غلامًا له مات فخلف ابنًا كان مليح زمانه، وكنت أتهم به، وهو أعز من ولد، وبلغ عشرين سنة، فاتفق أنه ضرب غلامًا له فمات، فاستغاث أولياؤه، فاجتمع عليه مماليكي، حتى بذلوا لهم مائة ألف فأبوا إلَّا قتله، فقلت: سلموه إليهم، فسلموه فقتلوه.
وقضيته مشهورة بحران؛ أتاه أصحاب الشيخ حياة وبددوا المسكر من بين يديه، فسكت، وكان يقول: بها نصرت. وقد خلع علي مرة، وأعطاني بغلة وعشرة آلاف درهم.
وحدثني الفقيه محمد اليونيني، قال: حكى لي فقير صالح، قال: لما مات الأشرف، رأيته في ثياب خضر، وهو يطير مع الأولياء.
وله شعر فيما قيل.
قال: وكنت أغشاه في مرضه، فقلت له: استعد للقاء الله فما يضر، فقال: لا والله بل ينفع، ففرق البلاد، وأعتق مماليكه نحو مائتين، ووقف دار السعادة والدهشة على بنته.