على قصد دمشق، فيرسل الطير، فيقع في الحال بالقلعة، ويقرأ ذلك إسماعيل، ثم يكتب على لسان الطبيب: إن عمك قد جمع ليعاضدك وهو قادم إليك، ويرسل ذلك مع طير نابلسي فيفرح نجم الدين ويعرض عن ما يسمع، إلى أن راحت منه دمشق. وأما الصالح إسماعيل فترك دمشق بعد ذاك الحصار الطويل، وقنع ببعلبك.
وفي "معجم" القوصي في ترجمة الأشراف: فأخوه إسماعيل نصر الكافرين وسلم إليهم القلاع، واستولى على دمشق سرقة، وحنث في يمينه، وقتل من الملوك والأمراء من كان ينفع في الجهاد، وصادر على يد قضاته العباد، وخرب الأملاك، وطول ذيل الظلم، وقصر ذيل العدل، وظن أن الفلك له مستمر، فسقط الدهر لغفلته، وأراه بلايا … ، وطول القوصي.
ثم ذهبت منه بعلبك وبصرى، وتلاشى أمره، فمضى إلى حلب، وافدًا على ابن ابن أخته، وصار من أمرائه، وأتى به فتملكوا دمشق، فلما ساروا ليأخذوا مصر غلب الشاميون، وأسر جماعة، منهم الملك الصالح، في سنة ثمان وأربعين، فسجن القاهرة، ومروا به على تربة السلطان نجم الدين أيوب فصاحت البحرية يا خوند أين عينك تنظر إلى عدوك?!
قال الخضر بن حمويه: وفي سلخ ذي القعدة من سنة ثمان أخرجوا الصالح ليلًا، ومضوا به إلى الجبل، فقتلوه، وعفي أثره.
قلت: كفر عنه بالقتل.
قال ابن واصل: لما أتوا بالصالح بكرة الواقعة، أوقف إلى جانب المعز، فقال لحسام الدين ابن أبي علي: يا خوند، أما تسلم على المولى الملك الصالح?! قال: فدنوت منه، وسلمت عليه.
قال ابن واصل: رأيت الصالح يوم دخول الجيش منصورين وهو بين يدي المعز، فحكى لي أن ابن أبي علي قال: قلت للصالح: هل رأيت القاهرة قبل اليوم? قال: نعم، وأنا صبي، ثم اعتقلوه أيامًا، فقيل: خنقوه كما خنق الجواد.
وكان ملكًا شهمًا، محسنًا إلى جنده، كثير التجمل، وكان أبوه العادل يحب أن هذا، ولها تربة ومدرسة بدمشق.
ومن أولاده: الملك المنصور محمود الذي سلطنه أبوه بدمشق، والملك السعيد عبد الملك والد الملك الكامل، والملك المسعود والد صاحبنا ناصر الدين.
ووزر له أمين الدولة أبو الحسن بن غزال السامري ثم المسلماني الطبيب واقف أمينية بعلبك، وكان رقيق الدين، ظلومًا، يتفلسف، شنق بمصر في هذه الفتنة، وترك أموالًا عظيمة، ومن الكتب نحو عشرة آلاف مجلد.