فتطحطح، ورد إلى بخارى منهزمًا. ثم جاء من بخارى ليجمع العساكر بنيسابور، فأخذت التتار بخارى، وهجموا خراسان، ففر، فما وصل إلى الري إلَّا وطلائعهم على رأسه، فانهزم إلى قلعة برجين، ومعه ثلاث مائة فارس عراة مضهم الجوع فاستطعموا من أكراد فلم يحتفلوا بهم، ثم أعطوهم شاتين وقصعتي لبن، ثم رجع إلى نهاوند، ثم إلى مازندران وقعقعة سلاحهم قد ملأت سمعه وبصره، فنزل ببحيرة هناك فانسهل، وطلب دواء، فأعوزه الخبز، ومات.
وقيل: كان عدة جيشه في الديوان ثلاث مائة ألف فارس، وقيل: إنه استولى على نحو أربع مائة مدينة، وكانت أمه تركان في عظمة ما سمع قط بمثلها، وفي جبروت، فأسرها جنكزخان، وذاقت ذلًا وجوعًا، وفي الآخر داخله رعب زائد من التتار، كبسه التتار، فبادر إلى مركب فوقعت عنده سهامهم وخاضوا فما قدروا، وكان هو في علة ذات الجنب:
أتته المنية مغتاظة … وسلت عليه حسامًا ثقيلا
فلم تغن عنه حماة الرجال … ولم يجد فيل عليه فتيلا
كذلك يفعل بالشامتين … ويفنيهم الدهر جيلًا فجيلًا
مات في الجزيرة، سنة سبع عشرة وست مائة، وكفن في عمامة لفراشه.
وكانت أمه تجيد الخط، وتعلم، اعتصمت بالله وحده، وحكمها يساوي حكم ابنها، فمن ألقابها: عصمة الدنيا والدين ألغ تركان سيدة نساء العالمين. وكانت سفاكة للدماء وهي من بنات ملوك الترك، ولها من الأموال والجواهر ما يقصر الوصف عنه، فأخذت التتار الجميع، ومما أخذوا لابنها صندوقين كان هو يقول: فيهما ما يساوي خراج الأرض.