للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فالتحم القتال حتى قطعته الفرنج، فعمد الكامل إلى عدة مراكب، وملأها حجارة وغرقها في الماء ليمنع مركبًا من سلوك، فحفرت الفرنج خليجًا وأخروه وأدخلوا مراكبهم منه حتى دخلوا بورة وحاذوا الكامل، وقاتلوه مرات في الماء ولم يتغير عن أهل دمياط شيء، لأن الميرة واصلة إليهم. ومات العادل فهم جماعة بتمليك الفائز بمصر، فبادر الكامل وأصبح الجيش في خطبة وقد فقدوا الكامل، فشدت الفرنج على دمياط وأصبح الجيش في خطبة وقد فقدوا الكامل، فشدت الفرنج على دمياط وأخذوا برها بلا كلفة ولولا لطف الله وقدوم المعظم بعد يومين لراحت مصر، ففرح به الكامل، وبعثوا عماد الدين أحمد بن المشطوب الذي سعى للفائز إلى الشام، وتمادى حصار الفرنج لدمياط وصبر أهلها صبرًا عظيمًا، وقتل منهم خلق، وقلوا وجاعوا فسلموها بالأمان، فحصنها العدو وأشرف الناس على خطة صعبة وهم أهل مصر بالجلاء، وأخذت في شعبان سنة ست عشرة، ودام الكامل مرابطًا إلى سنة ثماني عشرة، وأقبل الأشرف منجدًا لأخيه وقوي المسلمون وحاربوا الفرنج مرات، وترددت الرسل في هدنة وبذلوا للفرنج القدس وعسقلان وقلاعًا سوى الكرك، فأبوا، وطلبوا ثلاث مائة ألف دينار عوضًا عن تخريب سور القدس، فاضطر المسلمون إلى حربهم، فقلت الميرة على الفرنج ففجر المسلمون النيل على منزلة الفرنج، ولم يبق لهم مسلك غير جهة ضيقة، فنصب الكامل الجسور على النيل ودخلت العساكر فملكوا المضيق وسقط في أيدي الفرنج وجاعوا، فأحرقوا خيامهم وأثقالهم ومجانيقهم، وعزموا على الزحف إلى المسلمين فعجزوا وذلوا وعز المسلمون عليهم، فطلبوا من الكامل الأمان، ويتركوا له دمياط، فبينما هم في ذلك إذا رهج عظيم وضجة من جهة دمياط فظنوها نجدة للفرنج جاءت، وإذا به الملك المعظم في جنده، فخذلت الملاعين وسلموا دمياط في رجب سنة ثماني عشرة ودخلها المسلمون، وقد بالغت الكلاب في تحصينها ولله الحمد.

أنبأني مسعود بن حمويه، قال: لما تقرر الصلح، جلس السلطان في مخيمه، عن يمينه المجاهد شيركوه، ثم الأشرف، ثم المعظم، ثم صاحب حماة، ثم الحافظ صاحب جعبر، ومقدم عسكر حلب، ومقدم المواصلة والماردانين، ومقدم جند إربل وميافارقين، وعن شماله نائب البابا ثم صاحب عكا ثم صاحب قبرص وصاحب طرابلس وصاحب صيدا ثم أرباب القلاع ومقدم الديوية، ومقدم الإسبتار، وكان يومًا مشهودًا، فأذن السلطان بأن يباع عليهم المأكول فكان يدخل إليهم كل يوم خمسون ألف رغيف، ومائتا أردب شعير، وكانوا يبيعون سلاحهم بالخبز، وكان السلطان قد أنشأ هناك مدينة سماها المنصورة، نزلها بجيشه وسورها.

<<  <  ج: ص:  >  >>