حدث عنه: ابن الأنماطي، وعمر بن الحاجب، والمنذري، والفخر علي، وشرف القضاة محمد بن أحمد بن محمد بن الجباب، والنجيب محمد بن أحمد الهمذاني، وأبو المعالي الأبرقوهي، وأحمد بن عبد الكريم المحتسب، وجماعة.
قال ابن الحاجب: من بيت السؤدد، والفضل، والكرم، والتقدم، له من الوقار والهيبة ما لم يعرف لغيره، وكان ذا حلم وصمت، ولي ولايات أبان فيها عن أمانة ونزاهة، وكان كثير اللطف. وأصله من القيروان، تفرد بالسيرة عن ابن رفاعة، سمعها في سنة ست وخمسين، بقراءة يحيى بن علي القيسي وتحت الطبقة تصحيح ابن رفاعة.
قال عمر بن الحاجب: وكان شيخًا، ثقة، ثبتًا، عارفًا بما سمع لا ينسب في ذلك إلى غرض، قال: ورأيت خط تقي الدين ابن الأنماطي وهو يثني على شيخنا هذا ثناء جميلًا، ويذكر من جملة مسموعاته السيرة، وكان قد صارت السيرة على ذكر الشيخ بمنزلة الفاتحة، يسابق القارئ إلى قراءتها، وكان قيمًا بها وبمشكلها، وهو أنبل شيخ وجدته بمصر رواية ودراية، وكان لا يحدث إلَّا وأصله بيده، ولا يدع القارئ يدغم. وكان أبوه جليسًا لخليفة مصر. قال: وحضرته يومًا وقد أهدى له بعض السامعين هدية فردها وأثابه عليها، وقال: ما ذا وقت هدية. وكان طويل الروح على السماع، كنا نسمع عليه من الصبح إلى العصر. إلى أن قال: وما رأيت في رحلتي شيخًا له خمس وثمانون سنة أحسن هديًا وسمتًا واستقامة قامة منه، ولا أحسن كلامًا، ولا أظرف إيرادًا منه، فلقد كان للديار المصرية.
وقال ابن نقطة: سمعت الحافظ عبد العظيم يتكلم في سماعه للسيرة، ويقول: هو بقراءة يحيى بن علي، وكان كذابًا، وكان ابن الأنماطي يثبت سماعه ويصححه.
قلت: وقد روى "العنوان" في القراءات عن الشريف أبي الفتوح الخطيب، رواه عنه شيخ سنة نيف وثمانين وست مائة. وقرأت السيرة على الأبرقوهي بسماعه منه في صفر، سنة إحدى وعشرين وست مائة، ومات في السنة في سلخ شوالها.