نافرة، فقلت للغلمان أخربوا هذه. فلما هدموها، انفتح تحتها سرب، فنزلوا، فإذا فيه صناديق كثيرة مملوءة ذهبًا وفضة من ذخائر الملك الكامل، ﵀.
قلت: وهذا هو الخليفة الثامن والثلاثون من بني العباس، بويع بقلعة الجبل في ثالث عشر رجب سنة تسع. وكان أسمر آدم، شجاعًا، مهيبًا، ضخمًا، عالي الهمة، ورتب له السلطان أتابكًا وأستاذ دار، وشرابيًا وخزندارًا وحاجبًا وكاتبًا، وعين له خزانة وعدة مماليك، ومئة فرس وعشر قطارات جمال وعشر قطارات بغال إلى أمثال ذلك.
قال أبو شامة: قرئ بالعادلية كتاب السلطان إلى قاضي القضاة نجم الدين ابن سني الدولة بأنه قدم عليهم أبو القاسم أحمد ابن الظاهر وهو أخو المستنصر، وجمع له الناس، وأثبت في المجلس نسبه عند قاضي القضاة، وبدأ بالبيعة السلطان، ثم الكبار على مراتبهم، ونقش اسمه على السكة، ولقب بلقب أخيه.
قال قطب الدين البعلي: وفي شعبان رسم الخليفة بعمل خلعة للسلطان وبكتابة تقليد، ونصبت خيمة بظاهر مصر، وركب المستنصر والظاهر إليها في رابع شعبان، وحضر القضاة والأمراء والوزير، فألبس الخليفة السلطان الخلعة بيده، وطوقه وقيده، ونصب منبر صعد عليه فخر الدين ابن لقمن كاتب السر، فقرأ التقليد الذي أنشأه، ثم ركب السلطان بالخلعة ودخل من باب النصر، وزينت القاهرة، وحمل الصاحب التقليد على رأسه راكبًا والأمراء مشاة.
قلت: ثم عزم المستنصر على التوجه إلى بغداد بإشارة السلطان وإعانته، فذكر ابن عبد الظاهر في "سيرة الملك الظاهر" أن السلطان قال له: أنفقت على الخليفة والملوك المواصلة ألف ألف وست مائة ألف دينار.
قال قطب الدين البعلي: ثم سار هو والسلطان من مصر في تاسع عشر رمضان، ودخلا دمشق في سابع ذي القعدة، ثم سار الخليفة ومعه صاحب الموصل وصاحب سنجار بعد أيام.
قال أبو شامة: نزل الخليفة بالتربة الناصرية، ودخل يوم الجمعة إلى جامع دمشق، إلى المقصورة، ثم جاء بعده السلطان فصليا وخرجا، ومشيا إلى نحو مركوب الخليفة بباب البريد، ثم رجع السلطان إلى باب الزيادة.
قال القطب: فسافر الخليفة، وصاحب الموصل إلى الرحبة، ثم افترقا، ثم وصل الخليفة بمن معه إلى مشهد علي، ولما أتوا عانة وجدوا بها الحاكم في سبع مائة نفس، فأتى إلى المستنصر وبايع، ونزل في مخيمه معه وتسلم الخليفة عانة، وأقطعها جماعة، ثم وصل إلى الحديثة، ففتحها أهلها له، فلما اتصل الخبر بمقدم المغول بالعراق، وبشحنة بغداد ساروا في