ثم بعد ذهاب البلد ومن فيه إلَّا اليسير، نودي بالأمان، وانعكس على الوزير مرامه، وذاق ذلًا وويلًا، وما أمهله الله.
ومن القتلى مجاهد الدين الدويدار والشرابي، وابن الجوزي أستاذ الدار، وبنوه، وقتل بايجو نوين نائب هولاكو، اتهمه بمكاتبة الخليفة، ورجع هولاكو بالسبي والأموال إلى أذربيجان، فنزل إلى خدمته لؤلؤ، فخلع عليه، ورده إلى الموصل، ونزل إليه ابن صلايا، فضرب عنقه، وبعث عسكرًا حاصروا ميافارقين، وبعث رسولًا إلى الناصر وكتابه: خدمة ملك ناصر طال عمره إنا فتحنا بغداد، واستأصلنا ملكها وملكها وكان ظن إذ ضن بالأموال ولم ينافس في الرجال أن ملكه يبقى على ذلك الحال، وقد علا قدره ونمى ذكره، فخسف في الكمال بدره:
إذا تم أمر بدا نقصه … توقع زوالًا إذا قيل تم
ونحن في طلب الازدياد على ممر الآباد، فأبد ما في نفسك، وأجب دعوة ملك البسيطة تأمن شره، وتنل بره، واسع إليه ولا تعوق رسولنا والسلام.
ذكر جمال الدين سليمان بن رطلين الحنبلي، قال: جاء هولاكو في نحو مائتي ألف، ثم طلب الخليفة، فطلع معه القضاة والأعيان في نحو من سبع مائة نفس، فمنعوا، وأحضر الخليفة ومعه سبعة عشر كان أبي منهم، وضرب رقاب سائر أولئك، فأنزل الخليفة في خيمة والسبعة عشر في خيمة، قال أبي: فكان الخليفة يجيء إلينا في الليل، ويقول: ادعوا لي، قال: فنزل على خيمته طائر، فطلبه هولاكو، فقال: أيش عمل هذا الطائر؟ وما قال لك? ثم جرت له محاورة معه، وأمر به وبابنه أبي بكر، فرفسا حتى ماتا، وأطلقوا السبعة عشر وأعطوهم نشابة، فقتل منهم اثنان، وأتى الباقون دورهم فوجدوها بلاقع، فأتيت أبي المغيثية، فوجدته مع رفاقه، فلم يعرفني أحد منهم، وقالوا: ما تريد? قلت: أريد فخر الدين ابن رطلين، وقد عرفته فالتفت إلي وقال: ما تريد منه? قلت: أنا ولده، فنظر فلما تحققني، بكى وكان معي قليل سمسم فتركته بينهم.
وعمل ابن العلقمي على ترك الجمعات، وأن يبني مدرسة على مذهب الرافضة، فما بلغ أمله، وأقيمت الجمعيات.
وحدثني أبي، قال: كان قد مشى حال الخليفة بأن يكون للتتار نصف دخل العراق، وما بقي شيء، أن يتم ذلك، فقال ابن العلقمي: بل المصلحة قتله، وإلا فما يتم لكم ملك العراق.