للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

صيته بين المسلمين والكفار، وبهمته اشتهر علم الأثر بما وراء النهر وتركستان، وكان علمهم الجدل والقول بالخلافيات وترك العمل، فأظهر أنوار الأخبار في تلك الديار.

ولد بباخرز، وهي ولاية بين نيسابور وهراة قصبتها مالين، وصحب نجم الكبرى، وبهاء الدين السلامهي، وتاج الدين محمودًا الأشهني، وسعد الدين الصرام الهروي، ومختارًا الهروي، وحج في صباه ثم دخل بغداد ثانيًا، وقرأ على السهروردي، وبخراسان على المؤيد الطوسي، وفضل الله بن محمد بن أحمد النوقاني، ثم تكلم بدهستان على الناس، وقرأ على الخطيب جلال الدين ابن الشيخ شيخ الإسلام برهان الدين المرغيناني كتاب "الهداية" في الفقه من تصانيف أبيه. ثم قدم خوارزم، وقرأ ببخارى على المحبوبي، والكردري، وأبي رشيد الأصبهاني. ولما خرب التتار بخارى وغيرها أمر نجم الدين الكبرى أصحابه بالخروج من خوارزم إلى خراسان منهم سعد الدين، وآخى بين الباخرزي وسعد الدين، وقال للباخرزي: اذهب إلى ما وراء النهر. وفي تلك الأيام هرب خوارزم شاه، فقدم سيف الدين بخارى وقد احترقت وما بها موضع ينزل به، فتكلم بها، وتجمع إليه الناس، فقرأ لهم البخاري على جمال الدين عبيد الله بن إبراهيم المحبوبي سنة اثنتين وعشرين وست مائة، ثم أقام، ووعظ وفسر، ولما عمرت بخارى أخذوا في حسده وتكلموا في اعتقاده، وكان يصلي صلاة التسبيح جماعة ويحضر السماع. ولما جاء محمود يلواج بخارى ليضع القلان؛ وهو أن يعد الناس ويأخذ من الرأس دينارًا والعشر من التجارة، فدخل على سيف الدين فرأى وجهه يشرق كالقمر، وكان الشيخ جميلًا بحيث إن نجم الدين الكبرى أمره لما أتاه أن يتنقب لئلا يفتتن به الناس، فأحب يلواج الشيخ ووضع بين يديه ألف دينار، فما التفت إليها. ثم خرج ببخارى التارابي وحشد وجمع فالتقى المغل وأوهم أنه يستحضر الجن، ولم يكن مع جمعه سلاح فاغتروا بقوله، فقتلت المغل في ساعة سبعة آلاف منهم أولهم التارابي، فأوهم خواصه أنه قد طار، وما نجا إلَّا من تشفع بالباخرزي، لكن وسمتهم التتار بالكي على جباههم.

إلى أن قال: ووقع خوف الباخرزي في قلوب الكفار، فلم يخالفه أحد في شيء يريده، وكان بايقوا -أخو قآن- ظالمًا غاشمًا سفاكًا، قتل أهل ترمذ حتى الدواب والطيور والتحق به كل مفسد، فشغبوه على الباخرزي، وقالوا: ما جاء إليك وهو يريد أن يصير خليفة. فطلبه إلى سمرقند مقيدًا، فقال: إني سأرى بعد هذا الذل عزًا، فلما قرب مات بايقوا، فأطلقوا الشيخ وأسلم على يديه جماعة. وزار بخرتنك قبر البخاري وجدد قبته وعلق عليها الستور والقناديل فسأله أهل سمرقند أن يقيم عندهم، فأقام أيامًا ورجع إلى بخارى،

<<  <  ج: ص:  >  >>