للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإجارة، كسائر الأملاك، لكن لا يؤجر إلا إذا كان ناظرًا أو أذن له الناظر في ذلك، هذا إذا كان الوقف مطلقًا، فإن كان مقيدًا بشيء؛ كما لو وقف دارًا على أن يسكنها معلم الصبيان في القرية مثلًا .. ليس له أن يسكنها غيره بأجرة ولا بغيرها" (١).

وقال فقهاء الشافعية: إنه إن لم يشترط الواقف ناظرًا؛ ففيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن النظر إلى الواقف، لأنه كان ينظر إليه، فإذا لم يشرطه بقي على نظره، والثاني: أنه للموقوف عليه؛ لأن الغلة له، فكان النظر إليه، والثالث: أن النظر للحاكم؛ لأنه يتعلق به حق الموقوف عليه وحق من ينتقل إليه، فكان الحاكم أولى، وهو المذهب (٢).

وعند الحنابلة أن الإجارة تصح من مستحق الوقف لأن منافعه له فله إجارتها كالمستأجر وإن لم يكن ناظرًا فما بالك به لو كان ناظرًا فإنه جائز (٣).

القول الثالث: يرى أن ولاية تأجير الوقف مرتبة حسب الأحقية، ويتمثل في رأي فقهاء الزيدية: فإنهم قد ذكروا "أن من وقف شيئًا كانت ولاية ذلك الوقف إلى الواقف، وليس لأحد أن يعترضه، ثم إلى منصوبه وصيًا أو وليا، فإذا نصب الواقف واليًا على الوقف أو أوصى به إلى أحد من المسلمين؛ كان أولى بالتصرف، ثم إذا كان الواقف غير باقٍ أو بطلت ولايته بوجه من الوجوه، ولم يكن له وصي ولا متولي من جهته؛ انتقلت الولاية إلى الموقوف عليه إذا كان آدميًا معيَّنًا يصح تصرفه، ثم إذا لم يكن ثمَّ واقف ولا منصوب من جهته، ولا موقوف عليه معيَّن يصح تصرفه .. كانت الولاية إلى الإمام والحاكم، ولا يجوز للإمام والحاكم أن يعترضا ممن له ولاية الوقف من واقف أو منصوبه أو موقوف عليه معين، إلا لخيانة تظهر منهم، وخيانة الواقف


(١) مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، شمس الدين، محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ط ١، ١٤١٥ هـ./ ١٩٩٤ م، ٢/ ٣٨٩ - ٣٩٣، وانظر: روضة الطالبين وعمدة المفتين، النووي، ٥/ ٣٤٤.
(٢) انظر: المهذب في فقه الإمام الشافعي، أبو إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الشيرازي، دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان، ٢/ ٣٣١ - ٣٣٢.
(٣) انظر: مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهي، مصطفى بن سعد بن عبده المشهور بالسيوطي، المكتب الإسلامي، ط ٢، ١٤١٥ هـ/ ١٩٩٤ م، ٣/ ٦١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>