للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تفسخ وتؤجر للشخص الثاني الذي زاد، ولو التزم الشخص الأول بتلك الزيادة لم يكن له ذلك، إلا أن يزيد على الشخص الثاني الذي زاد حيث لم تبلغ زيادة من زاد أجرة المثل، فإن بلغتها فلا يلتفت إلى زيادة من زاد (١).

أما فقهاء الشافعية فإنهم وإن رأوا فساد الإجارة إذا وقفت بغبن فاحش؛ إلا أنهم يفرقون بين أن يؤجر الناظر العين الموقوفة على غيره وبين أن يؤجر العين الموقوفة على نفسه؛ فإنه لا يجوز للناظر أن يؤجرها على غيره بأقل من أجرة المثل، فلو أجرها بالأقل فإن العقد يكون غير صحيح (٢)، ولم يتعرضوا لذكر الفسخ والضمان في كتبهم.

أما بالنسبة للزيدية فقد ذكر الإمام أحمد المرتضى في كتابه شرح الأزهار، في معرض بيان ما يجوز للمتولي فعله وما لا يجوز؛ أنه لا يجوز للمتولي أن يبيع شيئًا مما تعلق بما تولَّاه بثمن الممثل مع وقوع الطلب من غير المشتري بالزيادة على ثمن المثل، فإن باع كان البيع فاسدًا؛ لأنه قد خان فبطلت ولايته في ذلك، فأما لو لم تقع المطالبة من الغير لكن غلب في ظن المتولي أنه لو أشهر بيع هذا الشيء حصل فيه مع الثمن أكثر فإنه يصح البيع، وإن كان مكروها على أجود الأقوال (٣)، وقد يُقال: إن المناط في الإجارة هو نفسه في البيع، إلا أن البيع تمليك العين أو الرقبة، والإجارة تمليك المنفعة، ومن الواضح أن الملاك فيها واحد؛ إذ إن البيع والإجارة تقعان كلتيهما على العين، إلا أن البيع يقع على العين من حيث رقبتها وذاتها، والإجارة تقع على العين من حيث منافعها وغلتها، وبذلك يقترب رأيهم مع أصحاب القول الأول.

وقول ابن حزم الظاهري يتفق مع أصحاب القول الأول؛ إذ إنه يرى أنه لا تجوز إجارة الأرض أصلًا، لا للحرث فيها ولا للغرس فيها ولا للبناء فيها، ولا لشيء من الأشياء أصلًا لا لمدة مسماة قصيرة ولا طويلة، ولا لغير مدة مسماة لا بدنانير ولا


(١) انظر: حاشية العدوي على شرح الخرشي على مختصر سيدي خليل، الإمام أبي الضياء سيدي خليل، ٧/ ٩٩، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي، ٤/ ٩٥.
(٢) انظر: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، الشربيني الشافعي، ٢/ ٣٩٥.
(٣) انظر: شرح الأزهار (المنتزع المختار من الغيث المدرار)، ابن مفتاح، ٣/ ٤٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>