للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال المالكية: إذا طرأ ما يزيد في أجرة الوقف بعد العقد، فإنه إذا ما اشترط في العقد على قبول الزيادة من مكتر آخر؛ فإن هذا العقد يبطل؛ لأنه من الغدر، ويكون ذريعة إلى بيع وسلف، أو إلى سلف جرَّ منفعة (١)، ولكن إذا لم يشترط في الكراء ذلك فإنه ينظر إلى الأمر على النحو الآتي؛ إذا وقع العقد بأجرة المثل وحصلت زيادة فيها؛ فقد افترق فقهاء المالكية على رأيين؛ الأول: يرى أنه إذا وقع الكراء على وجه الغبطة في الحال بأن أجَّر بأجرة المثل وجاء من يطلبه بأزيد مما أكتري به؛ فإن هذه الزيادة لا تجوز ولا يلتفت إليها، ولا يفسخ العقد، بل يستمر كما هو (٢)، أما الرأي الثاني فيرى أنه إذا كان الزيادة في حدود الثلث فإنها تقبل؛ فيخيَّر الأول في الزيادة أو الترك (٣)، أما إذا وقع بأقل من أجرة المثل فإن الزيادة تقبل حينئذ؛ لأن العقد قد حصل فيه غبن، ويثبت ذلك بالبينة أن بالكراء الأول غبنًا على الحبس (٤)، وتفسخ إجارة المستأجر الأول للمستأجر الثاني الذي زاد سواء كان حاضرا وقت إجارة الأول أو غائبًا، ولو التزم الأول تلك الزيادة التي زيد عليه لم يكن له ذلك، إلا أن يزيد على من زاد حيث لم تبلغ زيادة من زاد أجرة المثل، فإن بلغتها فلا يلتفت لزيادة من زاد (٥).

وقال الشافعية: إذا أجَّر الموقوف عليه بحكم الملك العين الموقوفة وزادت الأجرة في المدة، أو ظهر طالب بالزيادة؛ فإن العقد يسري كما هو ولا يتغير بذلك (٦)، وهذا


(١) انظر: المعيار المعرب والجامع المغرب، الونشريسي، ٧/ ٤٧.
(٢) انظر: النوازل، الشيخ عيسى بن علي الحسيني العلمي، تحقيق المجلس العلمي بفاس، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، المملكة المغربية، ١٤٠٦ هـ./ ١٩٨٦ م، ٢/ ٢٦٤.
(٣) انظر: النوازل، العلمي، ٢/ ٢٦٣.
(٤) انظر: التاج والإكليل لمختصر خليل، أبو عبد الله محمد بن يوسف بن أبي القاسم بن يوسف العبدري الغرناطي المواق المالكي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤١٦ هـ/ ١٩٩٤ م، ٦/ ٤٦.
(٥) انظر: شرح الخرشي، ٧/ ٩٩، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير، محمد بن أحمد بن عرفة الدسوقي، ٤/ ٩٥، وشرح الزُّرقاني على مختصر خليل ومعه: الفتح الرباني فيما نهل عنه الزرقاني، عبد الباقي بن يوسف بن أحمد الزرقاني، ضبطه وصححه وخرج آياته: عبد السلام محمد أمين، دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤٢٢ هـ./ ٢٠٠٢، ٧/ ٩١ - ٩٢.
(٦) انظر: الوسيط في المنهب، أبو حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي، ٤/ ٢٦٢، وروضة الطالبين وعمدة المفتين، النووي، ٤/ ٤١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>