للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢ - الفريق الثاني: يرى أن للناظر حق لفسخ، حيث إن الإجارة تعقد وقتًا فوقتًا؛ إذ إن المعقود عليه فيها هو المنفعة وهي توجد وقتًا فوقتًا، ولذا فإن من مصلحة لوقف فسخ الإجارة ولا ضرر على المستأجر؛ لأنه لم يلزم بأكثر من أجرة المثل؛ ولذلك فإنه إن لم تفسخ الإجارة فإنه يكون لى المستأجر المسمى فقط، فإن امتنع الناظر من الفسخ فسخه القاضي، ويعلم القاضي بالزيادة بقول عدلين من أهل البصر الأمانة عند محمد بن الحسن، أما القاضي وأبي حنيفة فإنه يكتفي عندهما بقول العدل الواحد فقط.

ولذلك فإنه قبل الفسخ يُخيّر الناظر المستأجر بين قبول الزيادة وبين الفسخ فإن قبلها فلا فسخ ما دامت المدة باقية، ولقد زال العارض الذي سوَّغ الفسخ قبول المستأجر للزيادة؛ ولذلك يسقط حق الفسخ (١).

أما إذا امتنع عن قبول الزيادة فإنه ينظر إلى المستأجَر؛ فإن كان غير مشغول بالمؤجر يفسخ العقد ويؤجر لغيره، وإن كان مشغولًا به وكان لعمله الذي يشغله فيه نهاية معلومة؛ فلا يفسخ العقد بل ننتظر نتهاء العمل هذا، مثل إذا كان يزرع الأرض المؤجرة فإننا ننتظر وقت الحصاد؛ فيحصد زرعه وتضاف إليه الزيادة في الأجرة من وقت حصولها إلى وقت الحصاد، ثم يفسخ عقد الإجارة وتؤجر الأرض لمن يدفع أجر المثل، أما إذا لم يكن للعمل نهاية معلومة لا يفسخ العقد، بل يترك المستأجَر في يده إلى نهاية مدة الإجارة، ولكن تضاف إليه الزيادة من وقت حصولها إلى انتهاء المدة (٢).

والقاضي لا يبتدئ بالفسخ إلا إذا امتنع الناظر عن ذلك؛ إذ إن الناظر هو من له حق الفسخ وهو الذي يرفع الأمر إلى القاضي، يفسخ العقد بحضور المستأجِر أمام القاضي، ودور القاضي ليس سوى إمضاء ذلك الفسخ، ويحكم به مع العلم بالخلاف، أما ذا امتنع الناظر فإن القاضي عندئذ يبتدئ بالفسخ ويحكم به (٣).


(١) انظر: العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية، ابن عابدين، ١/ ١٧٤ و ٢/ ١٠١، وحاشية رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، ٦/ ٦١١.
(٢) انظر: حاشية رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، ٦/ ٥٩٣ و ٦١٠.
(٣) انظر: الفتاوى الطرسوسية (أو أنفع الوسائل إلى تحرير المسائل)، الطرسوسي، ١٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>