للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فعند الحنفية أنه إذا كان النقصان قد تسبب في عدم إمكانية إعادة المستأجَر، كما إذا كانت العين المستأجرة شجرة وقد تم قلعها ولا يمكن إعادة غرسها؛ فإن الناظر ضامن لقيمة ما نقص ويصرف الضمان في عمارة الموقوف، لا بإعطاء القيمة إلى الموقوف عليهم؛ إذ إن القيمة المذكورة بدل عما نقص من الوقف، أما إذا كانت إعادته ممكنة فإن المستأجر يؤمر بإعادته إلى حالته الأولى كما كان سابقًا، محافظًا بذلك على الصفة التي كان عليها قبل النقصان، ولا يغير في هذه الصفة إلا إذا غيَّر لما هو أكثر نفعًا للوقف، ويكون الناظر في هذه الحالة متبرعًا بالزائد، فيبقى ما بناه على حالته لجهة الوقف ولا يُعطى له شيء مقابل ما أنفقه على عمارة الوقف، أما إذا لم يكن التغيير أنفع للوقف فإنه يؤمر بهدمه وإعادة العين إلى ما كانت عليه (١).

والمالكية: يرون أن القيمة تلزم الناظر في هذه المسألة، وهو الرأي المعتبر في المذهب عندهم، فالواجب في الهدم القيمة؛ ملكًا كان المهدوم أم وقفًا عقارًا أو غيره، فيقوَّم الموقوف قائمًا ومهدومًا، ويؤخذ ما بين القيمتين، كما إذا قوَّم قائمًا بعشرة ومهدومًا بستة فما بينهما أربعة فيعطاها، والنقض باقٍ على الوقفية، وإن فوت النقص يلزمه قيمته بتمامه، وتجعل تلك القيمة في عقار مثله يُجعل وقفًا عوضًا عن المهدوم (٢).

ويرى الشافعية بأن النقص الذي لحق بالموقوف يضمنه المستأجر إذا كان متعديًا، أما إذا لم يكن متعديًا، بل جاء النقص بسبب الاستعمال العادي أو لآفة سماوية؛ فلا ضمان على المستأجر؛ لأن الإجارة من عقود الأمان (٣).

والحنابلة صرَّحوا بأن ما نقصه المستأجر من الوقف فإن عليه ضمانه مطلقًا (٤).


(١) انظر: حاشية رد المحتار على الدر المختار، ابن عابدين، ٦/ ٦٦٧ - ٦٦٨.
(٢) انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، مُحَمَّد بن أحمد بن عرفة الدسوقي، ٤/ ٩٢.
(٣) انظر: مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج، شمس الدِّين، مُحَمَّد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي، ٢/ ٣٥١.
(٤) انظر: مجموع الفتاوي، ابن تيمية، ٣٠/ ٢٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>