للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد ذكر الظاهرية أن الإجارة جائزة في كل شيء له منفعة فيؤاجر لينتفع به ولا يستهلك عينه، ومن الإجارات ما لابد فيه من ذكر العمل دون المدة، ومنه ما لابد فيه من الأمرين معًا، وإلا كانت الإجارة مجهولة، وإذا كانت مجهولة فهي أكل مال بالباطل (١)، ولا ضمان على أجير مشترك أو غير مشترك، ولا على صانع أصلًا إلا ما ثبت أنه تعدى فيه أو أضاعه، والقول في كل ذلك ما لم تقم عليه بينةٌ قوله مع يمينه، فإن قامت عليه بينة بالتعدي أو الإضافة ضمن، وله في كل ذلك الأجر فيما أثبت أنه كان عمله، فإن لم تقم بينة حُلّفَ صاحب المتاع أنه ما يعلم أنه عمل ما يدعي أنه عمله، ولا شيء عليه حينئذٍ (٢).

وعند الزيدية: تنتهي إجارة الوقف بانتهاء مدة الإجارة، فشرط كل مؤجر ولايته وتعيينه ومدته أو ما في حكمها (٣)، فإن أجر المتولي ثلاث سنين فأزيد كان ذلك محظورًا، وتبطل ولايته، ولا تصح الإجارة سواء كان المؤجر صاحب المنافع أم المتولي (٤).

أما فقهاء الإمامية فقد ذكروا مسائل عديدة في حال نقصان المستأجَر وعدم بقائه على حاله؛ منها مسألة ما إذا استأجر عينًا فآجرها لغيره وسلمها له؛ فإن صحت الإجارة الثانية، فتلفت عند الثاني أو تعيبَّت بتقصير من الثاني؛ كان الثاني ضامنًا، وأما الأول فلا يضمن إلا إذا كان الثاني الذي سلمها له غير مأمون عنده، وكذا الحال إذا استؤجر على عمل في عين يأخذها عنده فاستأجر آخر على العمل فيها وسلمها له (٥).

أما الإباضية: فيرون أن المكتري لا يكلف إصلاح ما اكتراه عندما تعرض له عوارض خارجة عن ممارسته، قد تؤدي إلى تحوُّل العين المكتراة عن طبعها وعدم صلاحها للغرض الذي اكتريت من أجله، كما أن للمكتري أن يرجع إلى المكري فيما


(١) انظر: المحلى بالآثار، ابن حزم، ٧/ ٤.
(٢) انظر: المرجع السابق، ٧/ ٢٨.
(٣) انظر: مسند البزار المنشور باسم البحر الزخار، البزار، ٥/ ٣٠.
(٤) انظر: المرجع السابق، ٥/ ١٥٩، والتاج المذهب لأحكام المذهب، أحمد بن قاسم العنسي اليماني الزيدي، ٣/ ٣٢٤.
(٥) انظر: منهاج الصالحين، السيد مُحَمَّد سعيد الحكيم، مسألة (٢٠)، ٢/ ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>