للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو رواية عن الإمام مالك، فقد روى أبو الفرج عنه أنه قال: إن رأي الإمام بيع ذلك لمصلحة جاز ويجعل ثمنه في مثله (١).

وقد استدل أصحاب هذا القول على استبدال العقار غير المسجد إذا خرب على بما يأتي:

١ - روي أن عمر كتب إلى سعد لما بلغه أن بيت المال الذي بالكوفة نقب: أن أنقل المسجد الذي بالتمارين - موضع سوق التمر - واجعل بيت المال في قبلة المسجد، فإنه لن يزال في المسجد مصلّ، وكان ذلك بمشهد من الصحابة ولم يظهر خلافه فكان كالإجماع (٢).

٢ - القول بجواز استبدال الوقف حال تعطله فيه استبقاء للوقف عند تعذر بقائه صورة، ومن ثم وجب القول باستبداله، قياسًا على ما لو استولد جارية موقوفة أو قتلها، أو قتلها غيره، حيث يجب بدلها (٣).

٣ - الغرض من تأبيد الوقف هو انتفاع الموقوف عليه على وجه الدوام، وإذا لم يكن تأييده على وجه تخصيصه استبقينا الغرض وهو الانتفاع على الدوام في عين أخرى، واتصال الإبدال جرى مجرى الأعيان، والقول بعدم استبدال العين مع تعطلها تضييع للغرض (٤).

٤ - بالقياس على جواز بيع الفرس الحبيس (الموقوف) إذا لم يصلح للغزو وشراء ما يصلح للغزو بثمنه، حيث أجمع العلماء على جواز بيعها إذا كبرت فلم تصلح للغزو، وأمكن الانتفاع بها في شيء آخر، مثل: أن تدور في الرحى، أو يحمل عليها التراب، أو تكون الرغبة في نتاجها، أو حصانًا يتخذ للطراق (ضراب الفحل)، فإنه يجوز بيعها ويشتري بثمنها ما يصلح للغزو (٥).


(١) انظر: بلغة السالك لأقرب المسالك المعروف بـ "حاشية الصاوي على الشرح الصغير" (وهو شرح الدردير لكتابه المسمى أقرب المسالك لِمَذهَب الإمام مَالكٍ)، أبو العباس أحمد بن محمد الخلوتي الشهير بالصاوي المالكي، نشر دار المعارف، ٤/ ١٢٧.
(٢) انظر: المبدع في شرح المقنع، ابن مفلح، ٥/ ١٨٥، ومطالب أولي النهى، الرحيباني، ٤/ ٣٦٨، والمغني، ابن قدامة، ٦/ ٢٩، والفتاوى الكبرى، ابن تيمية، ٤/ ١٥٦.
(٣) انظر: المبدع في شرح المقنع، ابن مفلح، ٥/ ١٨٦.
(٤) انظر: المرجع السابق، ٥/ ١٨٦.
(٥) انظر: المغني، ابن قدامة، ٦/ ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>